الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص275
قال الماوردي : ذكر الشافعي هاهنا إذا حلف بأربعة أشياء ب ‘ حق الله ‘ و ‘ عظمة الله ‘ و ‘ جلال الله ‘ ، و ‘ قدرة الله ‘ .
فأما عظمة الله وجلال الله فهو يمين في الأحوال الثلاثة ، سواء أراد به اليمين أو لم يرد لأنها من صفات ذاته المحضة ، فلم يعتبر فيها عرف شرع ولا استعمال وإن كان عرف الاستعمال فيها موجوداً ، وإنما يعتبر العرفان فيما كان من الصفات محتملاً ، ولا يعتبر فيما زال عنه الاحتمال .
وأما قوله : وحق الله ، وقدرة الله ، فتكون يميناً في حالتين من ثلاث إذا أراد اليمين وإذا أطلق . وقال أبو حنيفة إذا قال : وحق الله لا تكون يميناً في الأحوال كلها سواء أراد به اليمين أو لم يرد ، لأن حقوق الله تعالى فروضه وعباداته ، لرواية عبادة بن الصامت قال : قلت : يا رسول الله ؟ ما حق الله على عباده ؟ فقال : ‘ أن لا تشركوا به شيئاً وتعبدوه وتقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة ‘ .
ودليلنا شيئان :
أحدهما : أنها يمين معتادة بصفة عامة أضيفت إلى الله تعالى ، فوجب أن تكون يميناً كصفات ذاته من العظمة والعزة .
والثاني : أنها يمين مستحقة من صفات ذاته ، فجرى عليها حكم صفات الذوات .
وأما الخبر فلا دليل فيه ، لأنه بين بعض حقوقه ، وقد تحتمل العبادات ، وتحتمل صفات الذات ، فجاز أن تعتبر فيه الإرادة بحمله على أحدهما .
وأما إذا أراد غير اليمين ، فقد قال الشافعي : ‘ يعمل على إرادته ‘ فلا تكون يميناً ، لما علل به من جواز أن يريد . وحق الله واجب ، وقدرة الله ماضية ، فاختلف أصحابنا فيها على ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه لا تكون يميناً على ما أجاب به الشافعي ، وعلل به .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي ، أنه لا تكون يميناً في حقوق الله تعالى ، وتكون يميناً في حقوق الآدميين .
والوجه الثالث : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه لا تكون يميناً بالإرادة إذا عزاه إلى أمر محتمل ، وتكون يميناً إذا لم يعزه إلى أمر محتمل .