پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص274

والحال الثانية : أن لا يريد يميناً فلا تكون يميناً .

وقال أبو حنيفة : تكون يميناً وإن لم يردها لأنه من صفات ذاته .

ودليلنا هو أن لفظة قد صار في العرف مستعملاً في غير الأيمان مثل قولهم : لعمري لقد كان كذا ومن قول الشاعر :

( لعمرك ما يدري امرؤٌ كيف يتقي
نوائب هذا الدهر أم كيف يحذر )

فجاز أن يكون محمولاً على العرف بالإرادة فلا تكون يميناً لخروجه عن حكم الصفات المحضة .

والحال الثالثة : أن يطلقه ، ولا تكون له فيه إرادة ، ففيه وجهان :

أحدهما : تكون يميناً لما اقترن به من عرف الشرع في قوله تعالى : ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) ( الحجر : 72 ) .

والوجه الثاني : أن لا تكون يميناً لأن عرف الاستعمال فيه مشترك ، وعرف الشرع فيه محتمل ، لأن قوله : ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) قسم من الله تعالى برسوله ، وأقسام الله تعالى مخالفة لأقسام عباده ، لجواز قسمه بالمخلوقات التي لا يجوز أن يقسمه بها المخلوقون .

( فصل : )

فأما قوله : وأيم الله ، وأيمن الله ، فإن أراد به يميناً كان يميناً لما روي عن النبي ( ص ) – أنه قال في أسامة بن زيد : ‘ وأيم الله إنه لخليقٌ بالإمارة ‘ وإن لم يرد به يميناً ، أو لم تكن له إرادة لم تكن يميناً ، لأن العرف في قولهم : لعمر الله ، أكثر استعمالاً من قولهم ؛ وأيم الله .

وقال أبو حنيفة : هما سواء في الأحوال كلها يمين مع وجود الإرادة وعدمها .

وأما قوله : لاها الله . فإن أراد به يميناً ، فهو يمين لما روي عن أبي بكر – رضي الله عنه – أنه قال بمشهد رسول الله ( ص ) في قتيل أبي قتادة حين أخذ سلبه غيره : لاها الله إذن تعمد إلى أسد من أسد الله يعطيك سلبه ، فكانت يميناً منه وإن لم يرد اليمين ، أو لم تكن له إرادة ، فليس بيمين لعدم عرف الشرع والاستعمال فيه .

( مسألة : )

قال الشافعي : ‘ ولو قال وحق الله أو وعظمته أو وجلال الله أو وقدرة الله فذلك كله يمينٌ نوى بها يميناً أو لا نية له وإن لم يرد يميناً فليست بيمينٍ لأنه يحتمل أن يقول : وحق الله واجبٌ وقدرة الله ماضيةٌ لا أنه يمينٌ ‘ .