الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص271
يكون إخباراً عن يمين ماضية . وإذا احتمل هذين الأمرين لم يخل حاله من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يريد يميناً في الحال فتكون يميناً منعقدة ، كما قال تعالى : ( وَأقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أيْمَانِهِمْ ) ( الأنعام : 109 ) .
والحال الثانية : أن يقوله مطلقاً لم تقترن به إرادة ، فتكون يميناً ؛ لأنه قد اقترن بإطلاقها عرفان ، عرف شرع وعرف استعمال . فعرف الشرع ما قدمناه من الآية وعرف الاستعمال قولهم في أيمانهم : أقسمت بالله لأفعلن كذا ، فوجب أن يكون إطلاقه محمولاً على العرفين من انعقاد اليمين ولزوم الكفارة .
والحال الثالثة : أن يريد به يميناً حلف بها منعقدة ، فإن علم تقدم يمينه كان العلم بها موافقاً لإرادته ، فلا تنعقد يمينه في الحال ، وإن لم تعلم له يمين متقدمة ، فقد قال في كتاب الأيمان ‘ لا تكون يميناً ‘ لاحتمال ما قال في كتاب الإيلاء : تكون يميناً منعقدة اعتباراً بعرف الشرع والاستعمال ، فاختلف أصحابنا على وجهين :
أحدهما : الجمع بين الجوابين وتخريجه في اليمين والإيلاء على قولين :
أحدهما : تنعقد في الأيمان والإيلاء .
والثاني : لا تنعقد في الأيمان والإيلاء .
والوجه الثاني : حمل الجواب على ظاهره في الموضعين فيلزم في الإيلاء ولا يلزم في الإيمان لأن في الإيلاء حقاً لآدميين ، فلم يسقط بإرادته ، وهو في الأيمان من حقوق الله تعالى المحضة ، فجاز أن يدين فيه على إرادته .
قال الماوري : وهذا صحيح . إذا لم يذكر اسم الله تعالى ، واقتصر على قوله : أقسم لا فعلت كذا ، فقد اختلف الفقهاء في انعقاده يميناً على ثلاثة مذاهب :
أحدها : وهو مذهب الشافعي أنها لا تكون يميناً سواء أراد اليمين أو لم يردها .
والمذهب الثاني : ما قاله أبو حنيفة : تكون يميناً أراد اليمين أو لم يردها .
والمذهب الثالث : ما قاله مالك : إن أراد اليمين كانت يميناً ، وإن لم يرد اليمين لم تكن يميناً ، وهكذا . لو قال : أحلف لأفعلن كذا فهو على هذا الخلاف ، وكذلك لو قال : أشهد لأفعلن كذا كان على هذا الخلاف ، فمذهب الشافعي في جميعه أنها لا تكون يميناً حتى يقرنه باسم الله تعالى : فيقول : أقسم بالله أو أشهد بالله واستدل من جعله يميناً يقول الله تعالى : ( وَإذاَ أقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ) ( القلم : 17 ) . فدل على