الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص229
قال الماوردي : وصورتها في عقد بين متناضلين على إصابة معلومة من رشق معلوم ، كاشتراطهما إصابة عشرة من عشرين فيشرعان في الرمي ، ويصيب كل واحد منهما بعقد إصابته على تساوٍ أو تفاضل من قليل أو كثير ، ثم يستثقلان إتمام الرمي ، فيقول أحدهما لصاحبه هوذا أرمي بهذا السهم فإن أصبت به ، فقد نضلتك وإن أخطأت به ، فقد نضلتني فهذا باطل ، لا يصير به ناضلاً إن أصاب ، ولا منضولاً إن أخطأت .
ولبطلانه علتان :
إحداهما : أنه جعل الإصابة الواحدة قائمة مقام إصابات ، فبطل وهذا قول ابن أبي هريرة .
والثانية : أن يؤول إلى أن يصير من قلة أصابته ناضلاً ومن كثرة إصابته منضولاً ، فإن تقاسما عقدهما ، ثم قال أحدهما لصاحبه أو لغيره : ارم بسهمك هذا ، فإن أصبت به ، فلك درهم ، جاز واستحق الدرهم إن أصاب ، ولجوازه علتان : إحداهما أنه قد أجابه إلى ما سأل ، فالتزم له ما بذل ، وهذا قول ابن أبي هريرة .
والثانية : أنه تحريض في طاعة فلزم البذل عليها كالمناضلة .
قال أبو إسحاق المروزي : وهذا بذل مال على عمل ، وليس بنضال ؛ لأن النضال لا يكون إلا بين اثنين ، فأكثر .
إحداهما : أنه لم يدخل في عقدهما ، فلم يجز أن يصير شريكاً لهما .
والثاني : أنه يصير أخذاً بغير عمل ومعطياً من غير بذل .
قال الماوردي : اختلف أصحابنا في صورة هذه المسألة على وجهين :
أحدهما : أن المزني حذف منها ما قد ذكره الشافعي في كتاب ‘ الأم ‘ فقال فيه : ولو قال له : ناضل نفسك ، وارم عشرة أرشاق ، فإن كان صوابك أكثر من خطئك فلك كذا لم يجز أن يناضل نفسه ، فحذف المزني قوله : ‘ ناضل نفسك ‘ وأورد باقي كلامه وحكمه على هذه الصورة باطل باتفاق أصحابنا .