الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص228
ذلك من أحدهما حتى يجتمعا على فسخ العقد ، واستئناف عقد مستجد .
وإن قيل بجوازه كالجعالة جاز أن ينفرد به أحدهما ، لكن لا يصير الآخذ داخلاً فيه إلا أن يستأنف الرضا به ، وقيل له : إن شئت أن تراميه على هذا ، وإلا ملك خيارك .
فأما ما حكاه الشافعي عن الرماة من مذاهبهم ، فقد اختلف أصحابنا فيما أراد به على وجهين :
أحدهما : أراد ما ذهب إليه من لزومه وجوازه وزيادته ، ونقصانه ، قد قاله غيره وتقدمه به .
والثاني : أنه أراد أن يبين أصح مذاهبهم عنده ؛ ليعلم صحيحها وفاسدها .
وفي قول الشافعي : إذا سيما قرعاً يستبقان إليه ثلاثة تأويلات :
أحدها : أنه أراد بالقرع صحة الإصابة .
والثاني : أنه أراد به عدد الإصابة .
والثالث : أنه أراد به مال النضال .
وأما المزني فإنه قال : كما لم يكن سباقهم في الخيل ، ولا في الرمي في الابتداء إلا باجتماعهما على غاية واحدة ، كذلك في القياس لا يجوز لأحدهما أن يزيد إلا باجتماعهما على زيادة واحدة فقد اختلف أصحابنا في مراد المزني بكلامه على وجهين :
أحدهما : أنه أراد اختيار أحد القولين في لزوم العقد دون جوازه فعلى هذا يكون مصيباً في اختياره ، مخطئاً في تعليله ؛ لأن أظهر القولين لزومه ، فصح اختياره ، وعلل بأن لما لم ينعقد إلا باجتماع ، لم ينفسخ إلا بالاجتماع وهذا تعليل فاسد ؛ بالعقود الجائزة كلها من المضاربة والوكالة والجعالة لا تنعقد إلا باجتماعهما ويجوز أن ينفرد بالفسخ أحدهما .
والثاني : أنه أراد به إذا دعا أحدهما في المسألة الثانية إلى زيادة أو نقصان أنه لا يلزم صاحبه إلا باجتماعهما عليه ، وهو موافق لقول الشافعي ، فعلى هذا يكون مخطئاً في تأويله ، مصيباً في تعليله ؛ لأن الشافعي لم يوجب على كل واحد منهما إلا ما اجتمعا على الرضا به في القولين معاً .