الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص226
قال الماوردي : وهذا كما قال ؛ لأن موجب العقد يقتضي التساوي فيه ، فإن وقع التفاضل فيه أفسده .
ومن التفاضل اختلاف الهدف في القرب والبعد ، فيشرطا أن يرمي أحدهما من مائتي ذراع ، ويرمي الآخر من أقل منها ، أو أكثر لم يجز للتفاضل ، ولكن لو كانت قوس أحدهما عربية ، يصيب من مائة ذراع ، وقوس الآخر فارسية يصيب من مائتي ذراع ، فشرطا هذا التفاضل لاختلاف القوسين ، لم يخل حالهما من أمرين :
أحدهما : أن يشترطا الخيار في كل واحد من القوسين فيجوز هذا التفاضل ؛ لأن لكل واحد منهما أن يساوي صاحبه فيه إذا عدل إلى قوسه .
والثاني : أن يشترطا أحدهما بالعربية ؛ ولا يعدل عنها ، ويرمي الآخر بالفارسية ، ولا يعدل عنها ، فيمنع هذا التفاضل من جواز التناضل ؛ لأنه لا يقدر كل واحد منهما أن يساوي صاحبه فيه .
ومن التفاضل المانع أن يكون ارتفاع الشن في رمي أحدهما ذراعاً ، وارتفاعه في رمي الآخر باعاً ، فلا يصح العقد .
ومن التفاضل المانع أن تكون إصابة أحدهما في الشن وإصابة الآخر في الدارة التي في الشن ، فلا يصح العقد فإن كان ذلك لاختلاف القوسين ، فعلى ما قدمناه من خيارهما في الأمرين .
قال الماوردي : قد مضى فرق ما بين السبق والرمي بأن المقصود فراهة القوسين من السبق ، والمقصود من الرمي حذق الراميين ، فصار الفرس في السبق أصلاً ، والراكب تبعاً ، فلزم تعيين الفرس ، ولم يلزم تعيين الراكب ، وصار الرامي في النضال أصلاً والقوس تبعاً ، فلزم تعيين الرامي ولم يلزم تعيين القوس ، فإن أسقط تعيين ما يلزم تعيينه من القوس في السبق والرامي في النضال بطل العقد ، وإن عين ما لم يلزم تعيينه من الراكب في السبق أن لا يركب غيره ، والقوس في النضال أن لا يرمي عن غيرها ، لم يتعين اعتباراً بحكم أصله ، ونظر في التعيين ، فإن خرج مخرج الشرط الذي حمل عليه العقد ، فقال : على أن لا يركب إلا هذا الفارس ، وعلى أن لا يرمى إلا عن هذه القوس بطل العقد في السبق والنضال ؛ لأنه صار معقوداً على شرط غير لازم ، وإن