الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص224
أرمى ، فإذا تقررت هذه الجملة لم يخل حال المتناضلين في عقد نضالها من خمسة أحوال :
أحدهما : أن يشترطا فيه الرمي عن القوس العربية ، فعليهما أن يتناضلا بالعربية ، وليس لواحد منهما أن يعدل عنهما إلى الفارسية ؛ لأجل الشرط ، فإن تراضيا معاً على العدول عن العربية إلى الفارسية جاز ؛ لأن موجب الشرط أن يلتزمه كل واحد منهما في حق صاحبه دون غيره .
والحال الثانية : أن يشترطا فيه الرمي عن القوس الفارسية ، فعليهما أن يتناضلا بالفارسية ، وليس لواحد منهما أن يعدل عنها إلى العربية ، فإن تراضيا معاً بالعدول إليها جاز .
والحال الثالثة : أن يشترطا أن يرمي أحدهما عن القوس العربية ، ويرمي الآخر عن القوس الفارسية ، فهذا جائز ، وإن اختلفت قوساهما ؛ لأن مقصود الرمي حذق الرامي ، والآلة تبع ومثله في السبق إذا شرط أحدهما أن يتسابق على فرس ، والآخر على بغل ولا يجوز ، وإن سوى أبو إسحاق المروزي بينهما في الجواز ؛ لأن المقصود في السبق المركوبان والراكبان تبع ، فلزم التساوي فيه ، ولم يلزم التساوي في آلة الرمي ، فعلى هذا ليس لواحد منهما أن يعدل عن الشرط في قوسه وإن ساوى فيهما صاحبه لأجل شرطه ، فإن راضاه عليها جاز .
والحال الرابعة : أن يشترطا أن يرمي كل واحد منهما عما شاء من قوس عربية أو فارسية ، فيجوز لكل واحد منهما أن يرمي عن أي القوسين شاء قبل الشروع في الرمي وبعده ، فإن أراد أحدهما منع صاحبه مع خياره ، لم يجز سواء تماثلا فيها أو اختلفا .
والحال الخامسة : أن يطلقا العقد من غير شرط ، فإن كان للرماة عرف في أحد القوسين حمل عليه ، وجرى في العرف في العقد المطلق مجرى الشرط في العقد المقيد ، وإن لم يكن للرماة فيه عرف معهود فهما بالخيار فيما اتفقا عليه من أحد القوسين ، إذا كان فيهما متساويين ؛ لأن مطلق العقد يوجب التكافؤ وإن اختلفا لم يقرع بينهما ؛ لأنه أصل في العقد ، وقيل لهما : إن اتفقتما وإلا فسخ العقد بينكما .
فأما القوس ‘ الدودانية ‘ فهي القوس التي لها مجرى يمر السهم فيه ، ومنها قوس الرجل ، وإن كان أغلبها قوس اليد ، فيجوز أن يناضل بعضهم بعضاً إذا اتفقوا ، ولا يجوز أن يتناضل الرجلان أحدهما قائم ، والآخر جالس إلا عن تراض ، فيلزم تساويهما في القيام والجلوس ، فإن اختلفا اعتبر فيه الأغلب من عرف الرماة ، ولا يجوز أن يناضل أهل النشاب أصحاب الجلاهق ؛ لاختلاف الصفة فيها ، وأنه ليس الحذف بأحدهما حذفاً بالآخر .