الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص221
يحتسب به مصيباً ويجوز أن يتناضلا على مروق السهم ، ولا يجوز أن يتناضلا على ازدلافه ، لأن مروق السهم عن فعل الرامي ، وازدلافه من تأثير الأرض ، فعلى هذا في الاحتساب به مخطئاً إذا لم يحتسب به مصيباً وجهان :
أحدهما : يكون مخطئاً ؛ لأنه من سوء الرمي .
والثاني : لا يكون مخطئاً ما أصاب ، ويسقط الاعتداد به مصيباً ومخطئاً ، والله أعلم .
قال الماوردي : أما قدح السهم فهو خشبته المريشة ، واختلف فيما يسمى به منها ، فقال بعضهم : هو اسم لجميع الخشبة .
وقال آخرون : هم اسم يختص بموضع الوتر منه ، فيسمى فوق السهم ، وهو الجزء الذي يدخل فيه الوتر .
وأما النصل فهو الطرف الآخر من السهم ، واختلف فيما يسمى منه نصلاً ، فقال بعضهم : هو اسم للحديد المسمى زجاً ، ومنهم من قال : هو اسم لطرف الخشبة التي يوضع فيها الزج من الحديد ، والإصابة إنما تكون بالنصل لا بالقدح .
فإذا أصاب بغير النصل لم يحتسب به مصيباً ، ونظر فيما أصاب به من السهم ، فإن أصاب بعرض السهم ، احتسب به مخطئاً ؛ لأنه منسوب إلى سوء رميه ، وإن أصاب بقدح سهمه ، ففي الاحتساب به مخطئاً وجهان تعليلاً بما قدمناه .
قال الماوردي : اعلم أن للريح تأثيراً من تغيير السهم عن جهته ، وحذاق الرماة يعرفون مخرج السهم عن القوس هل هو مصيب أو مخطئ ، فإذا خرج السهم ، فغيرته الريح ، فهو على ضربين :
أحدهما : أن يخرج مفارقاً للشن ، فتعدل به الريح إلى الشن فيصيب أو يكون مقصراً عن الهدف ، فتعينه الريح حتى ينبعث ، فيصيب ، فتعتبر حال الريح ، فإن كانت ضعيفة كان محسوباً في الإصابة ؛ لأننا على يقين من تأثير الرمي ، وفي شك من تأثير الريح ، وإن كانت الريح قوية نظر ، فإن كانت موجودة عند إرسال السهم كان محسوباً في الإصابة ؛ لأنه قد اجتهد في التحرز من تأثير الريح بتحريف سهمه ، فأصاب