الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص218
قال الماوردي : اشتراط الخسق إنما يكون في إصابة الشن دون الهدف ، وقد ذكرنا أن الشن هو جلد ينصب في الهدف تمد أطرافه بأوتار أو خيوط تشد في أوتاد منصوبة في الهدف المبنى ، وربما كان ملصقاً بحائط الهدف ، وربما كان بعيداً منه بنحو من شبر أو ذراع ، وهو أبعد ما ينصب ، وخسق الشن إذا كان بعيداً من الهدف أوضح منه إذا كان ملصقاً به .
فإذا رمى والشن ملصق بالهدف ، فأصاب الشن ثم سقط بالإصابة خسق ، فزعم الرامي أنها خسق ولقي غلظاً في الهدف من حصاة أو نواة ، فرجع وهو خاسق وزعم المرمى عليه أنه قرع فسقط ، ولم يخسق ، فلهما ثلاثة أحوال :
أحدهما : أن يعلم صدق الرامي في قوله ، وذلك بأن يعرف موضع خسقه ، ويرى الغلظ من ورائه ، فيكون القول قول مع يمين ، لأن الحال شاهدة بصدقه .
والحال الثانية : أن يعلم صدق المرمى عليه في إنكاره إما بأن لا يرى في الشن خسقاً ، وإما بأن لا يرى في الهدف غلظاً فالقول قوله ، ولا يمين عليه ، لأن الحال شاهدة بصدقه .
والحال الثالثة : أن يحتمل صدق المدعي وصدق المنكر ، لأن في الشن خواسق وفي الهدف غلط وقد أشكلت الإصابة هل كانت في مقابلة الغلظ أم لا ؟ فإن كانت بينة حمل عليها ، وإن عدمت البينة ، فالقول قول المنكر مع يمينه ، ولا يحتسب به مصيباً وفي الاحتساب به مخطئاً وجهان :
أحدهما : يحتسب به في الخطأ إذا لم يحتسب به في الإصابة لوقوف الرامي بين صواب وخطأ .
والوجه الثاني : لا يحتسب به في الإصابة ، لأن الإصابة لا يحتسب بها إلا مع اليقين ، وكذلك لا يحتسب بالخطأ إلا مع اليقين ، فإن نكل المنكر عن اليمين أحلف الرامي المدعي ، فإذا حلف احتسب بإصابته .
قال الماوردي : وهذا معتبر بالشن والهدف ، ولهما ثلاثة أحوال :
أحدهما : أن يكون الهدف أشد من الشن ، لأنه مبنى قد قوي واشتد ، فإذا وصل السهم إليه من ثقب في الشن ثبت في الهدف الذي هو أقوى من الشن كان ثبوته في الشن الأضعف أجدر وهو الذي أراده الشافعي ، فيحتسب به خاسقاً .
والحال الثانية : أن يكون الشن أقوى من الهدف وأشد ، لأنه جلد متين ،