پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص213

ويقال : سهم ‘ غائر ‘ وهو المصيب الذي لا يعرف راميه ، فلا يحتسب به لواحدٍ من الراميين للجهل به .

ويقال : سهم ‘ خاطف ‘ وهو المرتفع في الهواء ثم يخطف نازلاً ، فإن أخطأ به كان محسوباً عليه ، لأنه من سوء رميه ، وإن أصاب به ، ففي الاحتساب به وجهان :

أحدهما : يحتسب به من إصابته لحصوله برميه .

والوجه الثاني : لا يحتسب به من الإصابة لأن تأثير الرمي في إيقاع السهم ، فأما سقوطه ، فلثقله ، فصار مصيباً بغير فعله ، فعلى هذا هل يحتسب من خطئه أم لا ؟ على وجهين :

أحدها : يحتسب به من خطئه لأنه إذا لم يكن مصيباً كان مخطئاً .

والوجه الثاني : لا يحتسب به من الخطأ ، لأنه ما أخطأ ، وأسوأ أحواله إن لم يكن مصيباً أن لا يكون مخطئاً .

والصحيح عندي من ذلك : أن ينظر نزول السهم خطأً بعد ارتفاعه ، فإن انحط فاتراً لحدة لا يقطع مسافة أحتسب عليه خاطئاً ، وإن نزل في بقية حدته جارياً في قطع مسافته احتسب له صائباً ، لأن الرمي بالفتور منقطع وبالحدة مندفع .

( مسألة : )

قال الشافعي : ‘ وإذا كان رميهما مبادرةً فبلغ تسعة عشر من عشرين رمى صاحبه بالسهم الذي يراسله ثم رمى البادئ فإن أصاب سهمه ذلك فلج عليه وإن لم يرم الآخر بالسهم لأن المبادرة أن يفوت أحدهما الآخر وليس كالمحاطة ( قال المزني ) رحمه الله : هذا عندي لا ينضله حتى يرمي صاحبه بمثله ‘ .

قال الماوردي : قد ذكرنا أن الرمي ضربان : محاطة ، ومبادرة .

وقد مضت المحاطة ، وهذه المبادرة ، وصورتها : أن يتناضلا على إصابة عشرة من ثلاثين مبادرة ، فيكون الرشق ثلاثين سهماً ، والإصابة المشروطة منها عشرة أسهم ، فأيهما بدر إلى إصابتها في أقل العددين فيه فضل ، وسقط رمي الرشق وإن تكافآ في الإصابة من عددٍ متساوٍ سقط رمي الثاني وليس منهما فاضل .

وبيانه أن يصيب أحدهما عشرة من عشرين ، ويصيب الآخر تسعة من عشرين فيكون الأول ناضلاً ، لأنه استكمل إصابة عشرة من عشرين ، وقد رماها الثاني فنقص منها ، ولا يرميان بقية الرشق لحصول النضل ، فلو أصاب كل واحدٍ منهما عشرة من عشرين لم يكن فيهما ناضل ولا منضول ، وسقط رمي الباقي من الرشق ، لأن زيادة الإصابة فيه مقيدة لنضل ، ولو أصاب أحدهما خمسة من عشرين وأصاب الآخر تسعة من عشرين ، فالنضال بحاله ، لأن عدد الإصابة لم يستوف فيرميان من بقية الرشق ما