الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص211
واحد منهما على سهم واحد حتى يستنفذا جميع الرشق ، لأن قرب المعاودة إلى الرمي أحفظ لحسن الصنيع .
فإن رمى أحدهما أكثر من سهم ، فإن كان قبل استقرار هذا الترتيب كان محتسباً به مصيباً ومخطئاً وإن كان بعد استقراره لم يحتسب به مصيباً ولا مخطئاً لأنه قبل الاستقرار مجوز وبعد الاستقرار ممنوع .
قال الماوردي : إما إغراق السهم : فهو أن يزيد في مد القوس لفضل قوته حتى يستغرق السهم ، فيخرج من جانب الوتر المعهود إلى الجانب الآخر ، فإن من أجناس القسي والسهم ما يكون مخرج السهم منها عن يمين الرامي جارياً على إبهامه ، فيكون إغراقه أن يخرج السهم باستيفاء المد إلى يساره جارياً على سبابته .
ومنها ما يكون مخرجه بالضد على يساره الرامي جارياً على سبابته . فيكون إغراقه أن يخرج على يمينه جارياً على إبهامه ، فإذا أغرق السهم قال الشافعي : ‘ لم يكن إغراقه من سوء الرمي ، وإنما هو العارض فلا يحتسب عليه إن أخطأ به ‘ وهو عندي نظر ، لأنه إذا لم يمد القوس بحسب الحاجة حتى زاد فيه ، فأغرق أو نقص فقصر كان بسوء الرمي أشبه .
فإذا أخطأ بالسهم المغرق لم يحتسب عليه على مذهب الشافعي ، وإن أصاب احتسب له ، لأن الإصابة به مع الخلل أدل على حذق الرامي في الإصابة مع الاستقامة .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا انقطع وتره ، أو انكسر قوسه ، فقصر وقع السهم ، وأخطأ لم يحتسب عليه ، لأنه لم يخطئ لسوء رميه ، ولكن لنقص آلته ، ولو أصاب به كان محسوباً من إصابته ، لأنه أدل على حذقه ، وهكذا لو عرض دون الهدف عارض من بهيمة أو إنسان وقع السهم فيه ، ومنع من وصوله إلى الهدف لم يحتسب عليه ، وأعيد السهم إليه ، فإن خرق السهم الحائل ونفذ فيه حتى وصل إلى الهدف ، فأصاب كان محسوباً من إصابته ، لأنه بالإصابة مع هذا العارض أشد وأرمى ويسمى هذا السهم خارقاً وقد كان الكسعى في العرب رامياً ، فخرج ذات ليلة ، فرأى ظبياً فرماه فأنفذه وخرج السهم منه ، فأصاب حجراً فقدح منه ناراً فرأى ضوء النار في ظلمة الليل