الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص210
والوجه الثاني : يعتبر ذلك فيهما لأن العرف في العقود كإطلاق الأيمان ، فعلى هذا إن لم يختلف عرفهم في عدد الأقدام حملا على العرف في عددها ليكون القرب بالأقدام في مقابلة قوة النفس بالتقدم .
وإن اختلف العرف في عدد الأقدام اعتبر أقل العرف دون أكثره فإن تقدم أحدهما على الآخر بما لا يستحق فلم يحتسب له بصوابه ، واحتسب عليه بخطئه .
قال الماوردي : عادة الرماة في الهدف مختلفة على وجهين ، وكلاهما جائز .
فمنهم من يرمي هدفين متقابلين ، فيقف أحد الحزبين في هدف يرمي منه إلى الهدف الآخر ، ويقف الحزب الآخر في الهدف المقابل ، فيرمي منه إلى الهدف الآخر ، وهذا أحبهما إلينا مع جوازهما – لقول النبي ( ص ) : ‘ بين الهدفين روضةٌ من رياض الجنة ‘ ولأنه أقطع للمتنافر ، وأقل للتعب ، فإن رميا إلى هدفين كان للمبتدئ بالرمي أن يقف في أي الهدفين شاء ، ويرمي الآخر ويقف الثاني في الهدف الثاني ، ويصير ذلك مستقراً بينهما إلى آخر رميهما ، وليس لواحد منهما أن يدفع الآخر عن هدفه ، وإن كان الهدف واحداً وقف المبتدئ في أي موضع شاء في مقابلته ، ويقف الثاني حيث شاء من يمين الأول أو يساره ، فإن لم يرض إلا أن يقف في موقف الأول ، ففيه وجهان :
أحدهما : له أن يقف في موقف ليساويه فيه .
والوجه الثاني : ليس له ذلك ، لأن الأول إذا زال عن موقفه بشيء حسن صنيعه – والله أعلم – .
قال الماوردي : وهذا فيما يختص بالرمي دون السبق لاختصاص الرمي بالمبتدئ ، فاختص بما يواليه من عدد ما يرمي ، فإن شرطاه في العقد حملا فيه على موجب الشرط ، وكان الشرط أحق من العرف ، فإن شرطا أن يرميا سهماً وسهماً ، أو شرطا أن يرميا خمساً وخمساً ، أو شرطا أن يواصل كل واحد منهما رمى جميع رشقه رمى كل واحد منهما عدد ما أوجب الشرط ، فإن زاد عليه لم يحتسب به مصيباً ولا مخطئاً لخروجه عن موجب العقد ، وإن أغفل ولم يشترط في العقد لم يبطل العقد بإغفاله لإحكامه التكافؤ فيه واعتبر فيهما عرف الرماة ، لأنه يجري بعد الشرط مجرى الشرط ، فإن كان عرف الرماة جارياً حد الثلاثة المجوزة في الشرط صار كالمستحق بالشرط ، وإن لم يكن للرماة عرف لاختلافه بينهم رميا سهماً وسهماً ، ولم يزد كل