الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص185
مقصوراً على التي تضمنها الخبر ، وهي الخف والخف الإبل وحدها ، والحافر وفيه قولان :
أحدهما : الخيل وحدها .
والثاني : الخيل والبغال والحمير ، والنصل وهو السهام ، ويكون السبق بما عداها محظوراً .
والقول الثاني : في المعنيين أن النصل على الثلاثة أصل ، فهذا ورد الشرع ببيانه وليس بمستثنى ، وإن خرج مخرج الاستثناء ؛ لأن المراد به التوكيد دون الاستثناء فعلى هذا يقاس على كل واحد من الثلاثة ما كان في معناها كما قيس على الستة في الربا ما وافق معناها ، وعليه يكون التفريع ، فيقاس على الخف السبق بالفيلة ؛ لأنها ذوات أخفاف كالإبل ، وهي في ملاقاة العدو أنكأ من الإبل ، وهل يقاس عليها السبق بالسفن والطيارات والشدات أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول ابن سريج يجوز السبق عليها ؛ لأنها معدة لجهاد العدو في البحر وحمل ثقله ، كالإبل في البر .
والوجه الثاني : لا يجوز السبق عليها ؛ لأن سبقها بقوة ملاحها دون المقاتل فيها ، فأما السبق بالزوارق الكبار والمراكب الثقال التي لم تجر العادة في لقاء العدو بمثلها فغير جائز على الوجهين معاً .
واختلف أصحابنا هل يقاس عليها السبق بالأقدام ؟ أم لا على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي حنيفة ، تجوز المسابقة بالأقدام ؛ لأن رسول الله ( ص ) استبق هو وعائشة رضي الله عنها على أقدامهما ؛ ولأن السعي من قتال الرجالة كالخيل في قتال الفرسان .
والوجه الثاني : وهو الظاهر من مذهب الشافعي أن المسابقة بالأقدام لا تجوز ؛ لأنه سبق على فعلها من غير آلة فأشبه الطفرة والوثبة ؛ ولأن السبق على ما يستفاد بالتعليم ليكون باعثاً على معاطاته ، والسعي لا يستفاد بالتعليم فعلى هذا إن قيل : إن المسابقة بالأقدام لا تجوز ، فالمسابقة بالسباحة أولى أن لا تجوز وإن قيل : بجوازها على الأقدام ، ففي جوازها بالسباحة وجهان :
أحدهما : تجوز كالأقدام ؛ لأن أحدها على الأرض ، والآخر في الماء .
والوجه الثاني : أنها لا تجوز بالسباحة ، وإن جازت بالأقدام ، لأن الماء مؤثر في السباحة والأرض غير مؤثرة في السعي .