الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص170
ومنعه بعض أصحابنا من التداوي بالمحرمات احتجاجاً بما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ ما جعل الله شفاءكم فيم حرم عليكم ‘ وهذا القائل مخطئ بعد حديث العرنيين من وجهين :
أحدهما : أن التداوي حال الضرورة فصار بها مضطراً إلى أكل الميتة .
والثاني : أن أكل السم حرام والتداوي به متداول ، وقيل إن السقمونيا سم قاتل ، ولهذا من استكثر منه في الدواء قتله ، ثم يجوز التداوي به كذلك كل حرام .
فأما الخبر ، فمعناه أن ما فيه شفاؤكم مما حرم عليكم .
فأما شرب الخمر من العطش وللتداوي ، فالظاهر من مذهب الشافعي أنه لا يحل شربها ، من العطش ولا للتداوي ، وذهب بعض البغداديين من أصحابه إلى جواز شربها للعطش لا للتداوي ؛ ولأن ضرر العطش عاجل ، وضرر الداء آجل ، وذهب بعض البصريين من أصحابه أن جواز شربها للتداوي دون العطش ؛ لأنها متعينة في الدواء وغير متعينة في العطش .
وقال أبو حنيفة وسفيان الثوري : يجوز شربها في العطش والتداوي .
والدليل على تحريمها في الحالين ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ الخمر داءٌ ‘ ؛ ولأنها تزيد في العطش ولا تروي ؛ ولأنها تحدث من السكر ما يزيل العقل ، وتمنع الفرائض ؛ ولأن شربها في أحد الحالين ذريعة إلى شربها مع عدم تلك الحال ؛ لأن الشهوة رغيبة عليها ؛ ولذلك حرم إمساكها ، ووجب الحد على شاربها ، وهكذا كل مسكر فهو خمر .
قال الماوردي : أما غير المضطر إذا مر بثمرة غيره على نخلها أو شجرها ، لم يحل له أن يأكل منها بغير إذن مالكها سواء كانت بارزة أو من وراء جدار .
وقال بعض أصحاب الحديث : ينادي على الباب ثلاثاً ، فإن أجابوه ، وإلا دخل ، وأكل ، ولم يدخر ، احتجاجاً برواية نافع عن ابن عمر أن النبي ( ص ) قال : ‘ إذا مر أحدكم بحائط غيره فليدخل ، فليأكل ، ولا يتخذ خبنةً ‘ أي : لا يحمل منه شيئاً وهذا المذهب فاسد لما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا يحل مال امرئٍ مسلمٍ إلا بطيب نفسٍ منه ‘ .
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا يحلبن أحدكم ماشية أخيه بغير إذنه ‘ ضروع مواشيكم خزائن طعامكم ، أو يحب أحدكم أن يدخل لخربة أخيه ، فيأخذ ما فيها بغير