پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص117

فجعلها في صنفين فاقتضى أن تكون بينهما نصفين .

والقول الثاني : – قاله في الجديد – أن يأكل ، ويدخر الثلث ، ويهدي الثلث ، ويتصدق على الفقراء بالثلث لقول الله تعالى : : ( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا القَانِعَ وَالمُعْتَرَّ ) فذكر ثلاثة أصناف فاقتضى أن يكون بينهم أثلاثاً .

وأما الفصل الثاني : وجوبها واستحبابها ، فلا يختلف المذهب أن الادخار مباح ، وليس بواجب ولا مستحب وأن الهدية ليست بواجبة وهي مستحبة ، فأما الأكل والصدقة فقد اختلف أصحابنا فيه على ثلاثة أوجه :

أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج ، وأبي سعيد الإصطخري أنهما مستحبان فإن أكل جميعها جاز وإن تصدق بجميعها جاز لقول الله تعالى : ( لَنْ يَنَالَ اللهُ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ) ( الحج : 37 ) . فجعل مقصودها التقوى بعد الإراقة دون الأكل والصدقة .

ولأنه لما كان لو أكل أكثرها كان جميعها أضحية كذلك إذا أكل جميعها .

والوجه الثاني : وهو قول أبي الطيب بن سلمة – : أن الأكل والصدقة واجبان ، فإن أكل جميعها لم يجزه ، وإن تصدق بجميعها لم يجزه حتى يجمع بين الأكل والصدقة لقول الله تعالى : : ( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الْفَقِيرَ ) فجمع بينهما وأمر بهما فدل على وجوبهما ولأن رسول الله ( ص ) نحر في حجة مائة بدنة ، وأمر علياً أن يأتيه من كل بدنة ببضعة ثم أمر بها فطبخت فأكل من لحمها ، وحسا من مرقها ، فلما أكل من كل بدنة مع كثرتها دل على وجوب أكله منها .

والوجه الثالث : – وهو مذهب الشافعي وما عليه جمهور أصحابنا – أن الأكل مستحب والصدقة واجبة ، فأن أكل جميعها لم يجزه وإن تصدق بجميعها أجزأه لقول الله تعالى : ( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ ) فجعلها لنا ، ولم يجعلها علينا ، فدل على أن أكلنا منها مباح ، وليس بواجب ، ولأن حقوق الإنسان هو مخير فيها بين الاستبقاء والإسقاط .

ولأن موضوع القرب بالأصول أنها مستحقة عليه وليست مستحقة له .

ولأن قوله تعالى في الضحايا : ( فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُوا ) جار مجرى قوله في الزكاة : ( كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ) ( الأنعام : 141 ) . فأما كان أكله مباحاً والإيتاء واجباً كذلك الأكل من الأضحية مباح والإطعام واجب .

( فصل : )

فإذا تقرر حكم الأكل والصدقة على هذه الوجوه الثلاثة فاقتصر منها على أحدها نظر ، فإن كان اقتصاره منها على الصدقة دون الأكل فأطعم ولم يأكل لم يضمن