الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص114
أصح ، فإذا أخذ كل واحد منهما قيمة أضحيته صرفها في مثلها وكان في فضلها ونقصانها على ما ذكرنا ، ويكون أرش الذبح داخلاً في ضمان القيمة فسقط بها .
والضرب الثاني : أن يكون لحم كل واحد منهما باقياً فلكل واحد منهما أن يأخذ لحم أضحيته ، ولا يجوز أن يتبادلا باللحم ، لأنه لا يجوز صرفه إلا في مسلك الضحايا ، ويرجع كل واحد منهما على صاحبه بأرش الذبح ، وفي مصرف هذا الأرش ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون للمضحي خاصة ، لأن حق المساكين في عين الأضحية ، وليس هذا الأرش منها .
والوجه الثاني : أن يكون للمساكين خاصة ، لأنه ليس للمضحي منها إلا ما يأكله من لحمها ، وليس هذا الأرش منها .
والوجه الثالث : أن يسلك به مسلك الضحايا لاستفادته منها .
قال الماوردي : ذبح الأضحية ليلاً مكروه لنهي النبي ( ص ) عن الذبح ليلاً ، ولأنه ربما أخطأ محل ذبحها بظلمة الليل ، ولأنه يصير مستتراً بها والمظاهرة بها أولى ، ولأنه ربما أعوذه المساكين في الليل ، ولأنه ربما تغير اللحم إذا استبقى إلى النهار وصل فلهذه المعاني كرهنا ذبحها في الليل ، فإن ذبحها فيه أجزأه .
وقال مالك : لا يجزئه لما قدمناه ولقول الله تعالى : ( وَيَذْكُرُواْ اسْمَ الله فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ) ( الحج : 28 ) . فخص الأيام بها دون الليالي .
ودليلنا : قول الله سبحانه : ( وَالبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ) ( الحج : 36 ) . ولم يفرق بين الليل النهار فكان على عمومه فيها .
ولأنه من زمان النحر فجازت الأضحية فيه كالنهار .
ولأنه أحد مقصودي الأضحية فجاز ليلاً كالتفرقة .
فأما الجواب عن الآية فهو أن الليالي تبع للأيام .
والنهي محمول على الكراهة كما نهى عن جداد الثمار في الليل – ما يصنع بلحم الأضحية من حيث الإدخار والأكل والطعام والإهداء – .