الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص90
وقال مالك : إن ذبح ما ينحر من الإبل حل ، وإن نحر ما يذبح من البقر والغنم حرم ، والدليل على جواز الأمرين قول الله تعالى : ( إلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ ) ( المائدة : 3 ) ولم يخص وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ الذكاة في الحلق واللبة ‘ فكان على عمومه ، ولأن الذبح قطع الحلقوم والمريء من أعلاهما والنحر قطع الحلقوم والمريء من أسفلهما فاستوى حكم قطعهما في المحلين ؛ ولأن ما حل بالذبح حل بالنحر كالإبل ؛ ولأن ما حلت به الإبل حلت به البقر كالذبح ، فأما إذا قطع ما فوق الحلقوم والمريء في الرأس وما دون الحلقوم والمريء من الجوف لم تحل ، وإن وحي فصار كقطعهما باثنين .
قال الماوردي أما قوله : الذكاة في الحلق واللبة فقد رواه الشافعي عن عمر وابن عباس ورواه غيره عن النبي ( ص ) وليس يمتنع أن يكون مسنوناً عن الرسول ، ومأثوراً عن الصحابة ، وقد مضى حكم الذكاة في الحلق واللبة وأما ما رواه الشافعي عن عمر أنه قال : ‘ لا تعجلوا الأنفس أن تزهق ‘ .
فالزهق : الإسراع ، والمراد به إسراع خروج النفس ، ومنه قوله تعالى : ( وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ ) ( التوبة : 55 ) وفي المراد بنهي عمر عنه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يقطع أعضاء الذبيحة قبل خروج نفسها ليتعجل أكلها كالذي كانت تفعله الجاهلية .
والثاني : أن يعجل سلخها قبل خروج نفسها ليتعجل أكلها .
والثالث : أن يمسكها بعد الذبح حتى لا تضطرب ليتعجل خروج روحها كاليهود ، وهذه الثلاثة لا تمنع من الإباحة لوجودها بعد الذكاة ، وأغلظها في الكراهة قطعها ثم سلخها ثم إمساكها ، وإن لم يحرم الأكل بواحد منها ، وأما نهي عمر رضي الله عنه عن النخع فقد روي عنه أنه قال : ‘ لا تنخعوا ولا تفرسوا ‘ فأما النخع ففيه وجهان :
أحدهما : أنه كسر العنق في قوله الشافعي .
والثاني : كسر عظم الرأس في قول أبي هريرة .