الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص85
قال الماوردي : اختلف الفقهاء في أول وقت الأضحية على أربعة مذاهب :
أحدها : وهو مذهب الشافعي أن أول وقتها في الأمصار والقرى للحاضر والمسافر واحد ، وهو معتبر بوقت الصلاة لا بفعلها ، فإذا طلعت الشمس وارتفعت حتى خرجت عن كراهة التنفل بالصلاة ومضى بعد ذلك قدر ركعتين وخطبتين دخل وقت النحر ، وجاز ذبح الأضحية فيه سواء صلى الإمام في المصر ، أو لم يصل .
واختلف أصحابنا في تقدير زمان الركعتين والخطبتين على وجهين :
أحدهما : أن الركعتين من صلاة النبي ( ص ) في العيد وخطبتيه فإنه كان يقرأ في الأولى بعد الفاتحة بسورة ‘ ق ‘ وفي الثانية بسورة اقتربت وكان يخطب خطبتين يستوفي فيها التحميد والمواعظ وبيان الأضاحي والوصية بتقوى الله تعالى ، وقراءة آية ، فيكون اعتبار وقت صلاته وخطبتيه هو المشروط في دخول الوقت .
والوجه الثاني : أن يعتبر بأقل ما يجزئ في صلاة ركعتين ، وأقل ما يجزئ في خطبتين ، ولا اعتبار بما كانت عليه صلاة رسول الله ( ص ) فإنه كان يطيل مرة ، ويخفف أخرى ، ويقدم تارة ويؤخر أخرى ، وإنما الاعتبار بتحديد مشروع لا يختلف .
ثم اختلف أصحابنا بعد هذا ، هل كان وقتها على عهد رسول الله ( ص ) في اعتبار قدر الصلاة يحكمها فيمن بعده من الأئمة على وجهين :
أحدهما : على أن الحكم فيهما سواء .
والوجه الثاني : في أنه عهد النبي ( ص ) معتبر بصلاته ، وفي عهد من بعده معتبر بقدر الصلاة ، فهذه شرح مذهب الشافعي وأصحابه فيه .
والمذهب الثاني : وهو قول أبي حنيفة : أنه معتبر في الأمصار بصلاة الأئمة فيها ، وفي القرى ، والأسفار معتبر بطلوع الفجر ، فإن ضحى أهل الأمصار قبل صلاة الأئمة كان شاة لحم ولم تكن أضحية
والمذهب الثالث : هو قول مالك أنه في الأمصار معتبر بصلاة الإمام ونحره وفي القرى ، والأسفار معتبر بصلاة الأئمة في أقرب البلاد بهم ، فإن ذبح أهل الأمصار قبل ذبح الإمام كانت شاة لحم ولم تكن أضحية .
والمذهب الرابع : وهو قول عطاء أنه في وقت جميع الناس معتبر بطلوع الشمس من يوم النحر ، واستدل من ذهب إلى قول أبي حنيفة ومالك برواية البراء بن عازب أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا ذبح قبل صلاة الإمام ‘ .
وبرواية جرير بن عبد الله البجلي قال : شهدت العيد مع رسول الله ( ص ) فعلم أن ناساً ذبحوا قبل الصلاة ، فقال رسول الله ( ص ) : ‘ من كان منكم ذبح قبل الصلاة فليعد