الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص74
دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره شيئاً ‘ .
ورواه الترمذي ، قال أحمد بن الحكم البصري حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن مالك بن أنس عن عمرو بن مسلم عن ابن المسيب ، عن أم سلمة عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من رأى هلال ذي الحجة وأراد أن يضحي فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره ‘ قال : هو حديث حسن .
واختلف الفقهاء في العمل بهذا الحديث على ثلاثة مذاهب :
أحدها : – وهو مذهب الشافعي – أنه محمول على الاستحباب دون الإيجاب ، وأن من السنة لمن أراد أن يضحي أن يمتنع في عشر ذي الحجة من أخذ شعره وبشره ، فإن أخذ كره له ولم يحرم عليه .
وهو قول سعيد بن المسيب .
والمذهب الثاني : هو قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه أنه محمول على الوجوب وأخذه لشعره وبشره حرام عليه ، لظاهر الحديث وتشبيهاً بالمحرم .
والمذهب الثالث : – وهو قول أبي حنيفة ومالك – ليس بسنة ولا يكره أخذ شعره وبشره احتجاجاً بأنه محل ، فلم يكره له أخذ شعره وبشره كغير المضحي ، ولأن من لم يحرم عليه الطيب واللباس لم يحرم عليه حلق الشعر كالمحل .
والدليل على أحمد وإسحاق : إنه مسنون وليس بواجب ما رواه الشافعي عن مالك عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت : أنا فتلت قلائد هدي رسول الله ( ص ) بيدي ثم قلدها رسول الله ( ص ) ثم بعث بها مع أبي فلم يحرم على رسول الله ( ص ) شيءٌ أحله الله له حتى نحر الهدي ، فكان هدي رسول الله ( ص ) وضحاياه ، لأنه كان بالمدينة ، وأنفذها مع أبي بكر سنة تسع ، وحكمها أغلظ لسوقها إلى الحرم ، فلما لم يحرم على نفسه شيئاً كان غيره أولى إذا ضحى في غير الحرم ، ويدل على ذلك ما قدمناه من القياسين ، واستدلال أبي حنيفة علينا وهما في استدلال أبي حنيفة بهما مرفوعان بالنص ، ووجب استعمال الخبرين ، فنحمل الأمر به على السنة والاستحباب دون الإيجاب ، بدليل الخبر الآخر ، فلا يكون واحد منهما مطرحاً .
أحدهما : أنه أراد بالشعر شعر الرأس ، وبالبشرة شعر البدن ، فعلى هذا لا يكره تقليم الأظفار .
والتأويل الثاني : أنه أراد بالشعر شعر الرأس والبدن ، وبالبشرة تقليم الأظفار ،