الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص59
أو غيره فأخذه مكانه ‘ .
قال الماوردي : اعلم أن الحيوان يتنوع ثلاثة أنواع ، بري ، وبحري ، وما جمع بين البر والبحر .
فأما البري ، فالمأكول منه لا يحل أكله إلا بالذكاة ، سوى الجراد وحده ، فإنه يحل أكله ميتاً سواء مات بسبب أو غير سبب .
روى ابن عمر أن النبي ( ص ) قال : ‘ أحلت لنا ميتتان ودمان ، الميتتان : الحوت والجراد والدمان : الكبد والطحال ‘ .
وأما البحري : فينقسم ثلاثة أقسام ، مباح ومحظور ، ومختلف فيه . وأما المباح ، فهو السمك على اختلاف أنواعه ، ويختص بحكمين :
أحدهما : أنه مباح الأكل . والثاني : أنه لا يفتقر إلى الذكاة ويحل أكله ميتا ، لقول النبي ( ص ) في البحر : هو الطهور ماؤه الحل ميتته . واختلف أصحابنا في إباحة أكله حيا على وجهين :
أحدهما : لا يحل أكله حيًّا حتى يموت ؛ لورود السنة بإحلال بعد الموت ؛ لأن موته ذكاة .
والوجه الثاني : يحل إن يؤكل حياً وميتاً ؛ لأنه لا يفتقر إلى ذكاة ، وليس له حال تحريم فعمت فيه الإباحة ، واختلف أصحابنا إذا صاد سمكة ، فانقطع بعضها في يده وأفلت باقيها حيًّا ، هل يحل أكل ما انقطع منها ؛ على وجهين : ذكرهما ابن أبي هريرة :
أحدهما : لا يحل لقول النبي ( ص ) : ‘ ما أبين من حيٍّ فهد ميتٌ ‘ يعني محرماً ؛ لأنه موته قد علم .
والوجه الثاني : أنه يحل أكله ، لأن صيد البحر لا يحرم بالموت فاستوى حكم ما أخذ من حيٍّ وميت ، ولو وجد سمكة في جوف سمكة حل أكلهما معاً ، ما لم تنفصل الداخلة ، فإن انفصلت حتى تقطعت وتغير لون لحمها ، ففي إباحة أكلها وجهان :
أحدهما : يحل أكلها كما يحل لو تقطعت بغير صيدها وتغيرت .
والوجه الثاني : يحرم أكلها ؛ لأنها قد صارت في حكم الرجيع والفيء ، وهكذا أكل ما في بطون السمك من غذائه على هذين الوجهين .