پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص50

وروي أن عدي بن حاتم سأل رسول الله ( ص ) إنا نجد الصيد ولا نجد ما نذكي به إلا الظرار وشقة العصا ، فقال رسول الله ( ص ) أمر الدم بما شئت .

قال أبو عبيد الظرار حجارة محددة .

وقوله : ‘ أمر الدم بما شئت أي سله بما شئت ‘ .

فأما ما قطع من ذلك بشدة اعتماد المذكي ، وقوة ثقله ، فلا يؤكل ومثله الحديد لو كان كالا لا يقطع بحده ، ويقطع بشدة الاعتماد ، وقوة الذابح لم يؤكل لأنه يصير المنهر للدم هو الذابح دون الآلة .

وأما الممتنع فكل موضع من جسده محل لذكاته مما قطع بحده كالسيف ، والسكين أو خرق ، وثقب بدقته كالسهم والحربة ، فمار في اللحم ، ودخل ، سواء كان حديداً أو ما قام مقامه من القصب ، والخشب ، والمحدد ، والحجارة المحددة .

فأما ما قطع بثقله أو بقوة الرامي كالخشب الأصم ، والحجر الصلد ، فإنه وقيذ لا يؤكل لقول الله تعالى : ( وَالمَوْقُوذَةُ وَالمُتَرَدِّيَةُ ) ( المائدة : 3 ) والموقوذة : هي المقتولة ضرباً ، والمتردية : هي الواقعة من شاهق .

وروى عامر الشعبي عن عدي بن حاتم ، قال سألت رسول الله ( ص ) عن صيد المعراض ، فقال : ‘ ما أصاب بحده فكل ، وما أصاب بعرضه ، فهو وقيذٌ ‘ .

وروي عن النبي ( ص ) ‘ أنه نهى عن الجلاهق ‘ وهو قوس البندق ؛ لأنه يقتل الصيد بقوة راميه ، وليس يقتله بحده كالسهام ، فأباح السهم ، ونهى عن البندق .

فإن قيل : فقد روى الأعمش عن إبراهيم ، عن عدي بن حاتم أنه قال : سألت رسول الله ( ص ) عن البندق ، فقال : ‘ إن خرقت فكل ، وإن لم تخرق فلا تأكل ‘ .

قيل : هذا الحديث ليس بثابت ، ولا أصل له ، فإن سفيان قال : سألت الأعمش عن حديث البندق يعني هذا الحديث المروى عنه أنه ليس من حديثك ، فقال كيف أصنع بهؤلاء أصحاب الحديث يقرأون من أصل ما ليس فيه .

( فصل : )

فإذا ثبت أن ما لم يقطع بحده ، ولم يخرق بدقته ، وقطع بثقله أو بقوة الاعتماد عليه غير مأكول ، فإن فاتت ذكاته في الحلق واللبة كان ميتة محرمة ، وإن أدركت حياته ، فذبح في حلقه أو نجز في لبته نظر فيما أدركه من حياته ، فإن كانت ضعيفة لا لبث لها كجرحة المذبوح لم يحل أكله بالذبح ، وكان ميتة ، وإن كانت حياته قوية يلبث معها وإن لم يطل زمان لبثها صحت ذكاته ، وحل أكله لقول الله تعالى : ( وَالمَوْقُوذَةُ وَالمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبْعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ ) ( المائدة : 3 ) فأباح ما أدركت ذكاته بعد تقدم المحظورات .