پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص48

يوصل إلى أن يكون مأخوذاً إلا بالوقوع ولو حرم هذا حرم كل طائرٍ رمي فوقع فمات ولكنه لو وقع على جبلٍ فتردى عنه كان متردياً لا يؤكل ألا أن تكون الرمية قد قطعت رأسه أو ذبحته أو قطعته باثنتين فيعلم أنه لم يترد إلا مذكى ‘ .

قال الماوردي : أما الماشي من الصيد أيا رماه ، فسقط على جنبه ، فمات أكل ولا يحرم بالسقوط على الأرض إذا عادته أنه لا يثبت بعد موته إلا ساقطاً ، وأما الطائر من الصيد إذا رماه ، فسقط على الأرض ومات ، فإن كانت الرمية قد وحته في الهوار لوقوعها في مقتل حل أكله باتفاق وإن لم توحه لوقوعها في غير مقتلع فمذهب الشافعي وأبي حنيفة أنه مأكولٌ وقال مالك : هو غير مأكولٍ إلا أن يعلم موته في الهواء ؛ لأن سقوطه على الأرض قاتل ، فصار موته بمبيح وحاظر ، فوجب أن يحرم كالمتردية ، ودلينا عليه شيئان :

أحدهما : أنه لما لم يوصل إليه إلا بالوقوع على الأرض لم يمنع وقوعه عليها إباحة الأكل وإن كان مؤثراً في فوات النفس كسقوط الماشي على الأرض .

والثاني : أن ما يشق الاحتراز منه في الصيد كان عفواً ، كالذكاة في محلها وفيه انفصالٌ .

( فصل : )

فأما إن سقط الطائر بعد رميه إلى الماء ، فإن كانت الرمية موحية حل أكله ، وإن كانت غير موحية ، فله حالتان :

أحدهما : أن يكون من طير البر ، فلا يحل أكله إذا مات بعد سقوطه في الماء ؛ لرواية عامر الشعبي عن عدي بن حاتم عن النبي ( ص ) أنه قال وسأله : ‘ إذا رميت سهمك فاذكر اسم الله ، فإن وجدته قد قتله ، فكله ، إلا أن تجده قد وقع في ماءٍ فمات ، فإنك لا تدري الماء قتله ؛ أو سهمك ؟ ولأن الماء بعد الجرح أبلغ في فوات نفسه من الجرح مع إمكان الوصول إليه في الأغلب من غير وقوع في الماء .

والحالة الثانية : أن يكون من طير الماء ، ففي إباحة أكله إذا مات بعد سقوطه في الماء وجهان :

أحدهما : لا يحل أكله تعليلاً بما ذكرناه .

والوجه الثاني : يحل أكله ؛ لأنه لا يكاد في الغالب يفارق الماء ، فصار سقوطه فيه ، كسقوط غيره في الأرض .

فأما إن سقط الصيد في النار فمات فيها لم يؤكل ، سواء كان الصيد طائراً أو ماشياً ؛ لأن النار قاتلة ، ويستغني الصيد عن وقوعه فيها ، إلا أن يعلم موته قبل وقوعه فيها فيحل .