الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص43
بالجراح دون الجارح فيصير موت الصيد من ثلاثة جراحات ، اختصت الثالثة منها بالضمان فأحيت ضمان ثلث القيمة .
والوجه الثاني : وهو أظهر أنها تكون مشاركة للجراحة الثالثة ؛ لأنها من كل واحدٍ اعتباراً بالجارح دون الجراح ، فعلى هذا يصير موت الصيد من جارحين أحدهما : غير ضامن ، وهو الثاني الذي أثبت الصيد بجراحته ، وصار في ملكه ، ومن الجارح الثاني الذي جرحه في الأول ، ولم يثبته الجراحة الثانية بعد ما أثبته الجارح الثاني : وجرحه في ملكه ، ونصف فعله غير مضمون ؛ لأن الجراحة الأولة كانت في حال الإباحة ، والامتناع ونصف فعله مضمون ، وهو جراحة الثانية للصيد بعدما صار الصيد ممتنعاً بجراحة الجارح الثاني ، وصار في ملكه وروح الصيد قد خرجت بثلاث جراحات ؛ بجراحةٍ من مالك الصيد بإثباته ، وبملكه ، وبجراحته من الجارح الآخر أحد جراحته غير مضمون ، وهو الجراحة الأولة ، وجراحة الثانية مضمونة ، وهي الجراحة التي وصلت بعدما ملك الصيد الجارح الثاني بإثباته ، والجارح الذي ملك الصيد لا يضمن جراحته ، وسقط نصف قيمة الصيد ؛ لأنه أحد الجارحين فأما الجارح الآخر فقد جرح جراحتين ، إحداهما : غير مضمونة ، وهي الجراحة الأولة فسقط عنه ربع القيمة ؛ ويضمن الجراحة الثانية التي بعد جراحة المالك بإثباته الصيد بجراحته ، فيضمن بالجراحة الثانية الجارح الأول ربع قيمته ، فصار هذا الصيد مضموناً بربع قيمته ، على ما بيناه .
ومثاله : رجلان جرحا مرتداً ، فأسلم ، ثم جرحه أحدهما بعد إسلامه ، فمات من سراية الجراحات كلها ضمن ربع ديته ؛ لأنه مات من جارحين :
أحدهما : جرحه هدرٌ ، فلم يضمن الآخر نصفه هدرٌ ، ونصفه مضمون ، فضمن ربع الدية ، فيصير فيما يضمنه الأول بجراحته الثانية أربعة أوجه :
أحدهما : جميع القيمة .
والثاني : نصفها .
والثالث : ثلثها .
والرابع : ربعها . ويجري العمل في ضمان كل مقدار منهما على ما قدمناه في الوجوه الخمسة .
قال الماوردي : وهذه المسألة قد دخلت في أقسام ما قدمناه ، فإذا رمياه معاً ، فأصاباه في حالة واحدةٍ لم يتقدم أحدهما على الآخر ، فمات من إصابتهما كان ملكاً