الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص42
أحدهما : أن يكون بما بقي فيه من العدو والطيران يمتنع به عن أن تناله الأيدي ، فلا يملكه الجارح ، ويكون باقياً على حكم امتناعه ؛ لأنه لو لم يكن فيه من القوة إلا هذا القدر لكان بها ممتنعاً .
والضرب الثاني : أن لا يمتنع بما بقي له من العدو والطيران عن الأيدي ، وتناله يدُ من أراده ، فيصير بهذه الحالة مثبتاً يملكه جارح ويكون أحق به من آخذه ؛ لأنه قد صار بها غير ممتنع ، فلو رمى صيداً فأصابه ثم مرق السهم منه ، فأصاب صيداً ثانياً ، ومرق من الثاني ، فأصاب ثالثاً ملك منها ما أثبته دون ما لم يثبته ، سواء كان أولاً أو آخراً ، فإن أثبت جميعها ملكها ، وإن لم يثبت شيئاً منها لم يملكها ، والله أعلم .
أحدها : أن تكون موحية في الحلق واللبة ، فعليها أرشها ، وما بين قيمته حياً مجروحاً ، وما بين قيمته مذبوحاً .
والحال الثانية : أن تكون جراحته موحية في غير الحلق واللبة ، فعليه جميع قيمته مجروحاً جرحين ؛ لأنه أفسد لحمه .
والحال الثالثة : أن تكون جراحة غير موحية ، فهل يضمن جميع قيمته ، أو يضمن قسط منها ؟ على ما ذكرنا من الوجوه الأربعة ، فإن ضمناه جميع قيمته صار كالتوجيه يضمن قيمته حياً مجروحاً جرحين ، فإن ضمناه قسطه منها كانت الجراحة الأولة هدراً ؛ لأنها في حال الامتناع والإباحة ، وهل تعتبر في فوات النفس أو لا ؟ على وجهين :
أحدهما : أنها غير معتبرة فيه ويعتبر فوات النفس بالجراحة الثانية والثالثة بخروج الأولة عن ضمانه في ملك ، فيجب عليه نصف القيمة .
والوجه الثاني : هو أصح ، أنها معتبرة في فوات النفس بسرايتها إلى النفس مع غيرها ، وإن خالفت حكم غيرها ، فعلى هذا ، هل تنفرد بحكمها في سقوط الضمان أو تكون مشاركة للثانية ؟ لأنها من واحدٍ على وجهين :
أحدهما : أنها تنفرد بحكمها عن الثالثة ، وإن كانتا من جارح واحدٍ اعتباراً