پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص39

جراحه أرش مقدرٌ فهو كالصيد وسائر البهائم على ما شرحناه ، وإن كان في جراحه أرش مقدر كالأطراف ، فقد خرج فيه أبو علي بن أبي هريرة وجهين :

أحدهما : أنه يصير بتقدير أطرافه كالحر .

والوجه الثاني : أنه يصير مع التقدير كالبهيمة وكلا الوجهين معلول على الإطلاق ؛ لأن العبد تنقص قيمته بعد جراحة الأول ، بخلاف الحر فيبطل بينه وبين الحر ، والعبد تتقدر أطرافه بخلاف البهيمة فبطل الجمع بينه وبين البهيمة ، فإذا بطل الوجهان صار حكمه في المقدر مشتركاً بين أحكام الحر في التقدير وبين أحكام البهيمة في اعتبار القيمة ثم يخالفها في وجه ثالث : أنك تعتبر في طرق العبد أكثر الأمرين من المقدر فيه أو ما نقص من القيمة ما لم يستوعب المقدر جميع القيمة ، فإن استوعبها أوجبت أقلها ، وهو نقصان القيمة ؛ لأن الشركة مع السراية تمنع من وجوب جميعها على أحدهما فيعمل على ما يوجبه هذا التعليل من الوجوه الخمسة ، وإذا كان كذلك ، فإن كان الجانيان على الصيد والبهيمة أجنبيين ، ولم يكن أحدهما مالكاً فعلى كل واحدٍ منهما من القيمة ما أوجبته الشركة على الوجوه الخمسة ، وإن كان أحدهما مالكاً سقط عنه قسطه ، ووجب على الأجنبي قسطه ، ويتصور في غير الصيد أن يكون المالك أولاً وثانياً ، ولا يتصور في العبد الممتنع أن يكون المالك في المضمون إلا الأول دون الثاني والله أعلم .

( مسألة : )

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ ولو كان ممتنعاً بعد رمية الأول يطير إن كان طائراً أو يعدو إن كان دابةً ثم رماه الثاني فأثبته كان للثاني ‘ .

قال الماوردي : اعلم أن الصيد ضربان ، ممتنع وغير ممتنع فأما الممتنع ، وهو ما بعد عن طلبه بطيرانه إن كان من الطير أو بعدوه إن كان من الدواب ، فلم يقدر عليه إلا بآلة يتوصل بها إليه . وأما غير الممتنع ، وهو صغاره الذي لم يتكامل قوته ، ولا يقدر أن ينهض بجناح ، وإن كان طائراً ، ولا يعدو برجل إن كان دابة قال الله عز وجل : ( ياَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ ) ( المائدة : 94 ] فيه تأويلان :

أحدهما : معناه : ليكلفنكم إباحة ما أحلّه ، أو حظر ما حرّمه .

والثاني : ليختبرنكم في قبول أوامره ، والانتهاء عن زواجره . ( تَنَالَهُ أَيْدِيَكُمْ وَرِمَاحَكُمْ ) فيه تأويلان :

أحدهما : ما تناله أيدينا الصغار ، ورماحنا الكبار ، قال ابن عباس فإن كان الصيد غير ممتنع لصغر لم يملك إلا بالأخذ والتناول ؛ لقوله تعالى ( تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ ) ولا تكون ذكاته إلا في الحلق واللبة ، لأنه مقدور عليه ، فلو دل عليه رجلٌ وأخذه آخر ، كان ملكاً لآخذه دون الدال عليه ، قال النبي ( ص ) : ‘ الصيد لمن صاده لا لمن أثاره ‘ ، فلو نبش عليه أحدهما بيته حتى طيره ،