الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص32
وأنكر الموجي فالقول قول الموجي مع يمينه ، والتوحية كالتذكية .
فإن قيل : ألستم قلتم : إنهما اتفقا على إصابته أنه بين الجارح والموجي في أحد الوجهين ، فهلا جعلتموه في تقدم أحدهما على الآخر على وجهين .
قيل الفرق بينهما في أحد الوجهين من وجهين :
أحدهما : أن أيديهما في الاتفاق متساويان ، وفي الاختلاف مفترقان .
والثاني : أنه لم يمض مع الاتفاق زمان الإثبات ، فيراعى ، وقد مضى مع اختلاف في زمان الإثبات ، فصار مراعى .
أحدها : أن يثبت الصيد بها .
والثاني : أن لا يثبته بها .
والثالث : أن يشك في إثباته بها .
فإن علم أن الأول قد أثبت الصيد بجراحته . وذلك بأن يكسر رجل ما يعدو ، وجناح ما يطير ، فهو ملك للأول دون الثاني ؛ لأنه بالإثبات قد صار مملوكاً ، فوجب أن يكون ملكاً لمثبته ، وإن لم يصر إلى يده كما لو وقع في فخه أو شبكته ، وإن علمنا أو الأول لم يثبته بجراحته وذلك بأن يراه بعد الجراحة يعدو أو يطير ، وهو للثاني دون الأول لوجود الإثبات بجراحته .
فإن قيل : فكل واحدٍ من الجرحين قد أثر في إثباته ، فهلا كان بينهما كما لو جرحا عبداً فمات فكان ضمانه عليها ، ولم يكن على الثاني منهما .
قيل : لأن الجراحة الأولى في الصيد لم تؤثر في الملك ، فلم توجب الاشتراك فيه ، والجراحة الأولى في العبد مؤثرة في الضمان ، فأوجب الاشتراك فيه ، وإن شككنا في جراحة الأول ، هل أثبت الصيد بها أم لا ؟ وجب أن يكون الشك مطرحاً واليقين معتبراً فيكون للثاني دون الأول ؛ لأنه أصل الاقتناع حتى يتيقن ما عداه ، ويتيقن الإثبات مع الثاني دون الأول ، فصار ملك الصيد هنا بين أن يكون الأول في حالة واحدة وبين أن يكون الثاني في حالتين ، ولا يصح أن يكون بينهما نصفين ؛ لأنهما فيه غير متساويين .