الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص26
ودليلنا : ما علل به الشافعي أنها ذكاة بغير فعل أحد .
وبيانه : أن الذكاة تكون بفعل فاعل مباشر ، ولا تحل بغير فعل مباشر . وتحريره أنها ذكاة ، فوجب أن تحل بالمباشرة دون السبب كمن نصب سكيناً ، فاحتكت بها شاة فانذبحت لم تؤكل .
وعلل أبو الطيب بن سلمة بأن الصيد يحل إذا كان معيناً أو من جملة معينة ، كما لو رمى سهماً إلى علو فسقط على صيد اعترضه لم يحل ، والمقتول بسلاح الأحبولة لم يكن معيناً ، ولا من جملة معينة ، وفي هذا التعليل دخل ؛ لأنه لو نصبه لصيد معين أو لجملة معينة لم يحل .
وعلل أبو إسحاق المروزي بأن الذكاة تحل بالفاعل ، والأحبولة لا فعل لها ، وإنما الفعل للصيد الواقع فيها ، فلم يحل كما لو احتك بحديدة أو شجرة انذبح بها .
وأما الجواب فهو أنه وارد فيما تصح فيه الذكاة من الآلة إذا أنهر الدم ، وفرى الأوداج بحده ثم بشروط الاستباحة ، فهي موقوفة على غير المباشرة .
وأما قياسهم على المباشرة ، فهو ما منعنا به من الجمع بين السبب والمباشرة .
وأما استدلالهم بالضمان ، فوجوب الضمان أعم ، وإباحة الأكل أخص فافترق حكم العموم والخصوص .
قال الماوردي : والحيوان ضربان : مقدور عليه ، وممتنع .
فأما المقدور عليه ، فلا تحل ذكاته إلا في الحلق واللبة سواء كان أهلياً أو وحشياً ، وأما الممتنع ، فضربان :
أحدهما : وحشي كالصيد ، فعقره ذكاته في أي موضع أصبته ، وهو متفق عليه .
والضرب الثاني : أهلي ، كالنعم إذا توحش ، فمذهب الشافعي أن عقره في أي موضع أصبت من ذكاته ، كالصيد ، وبه قال من الصحابة علي ، وابن عباس ، وابن مسعود ، وابن عمر .
ومن التابعين : الحسن ، وعطاء ، وطاووس .
ومن الفقهاء أبو حنيفة وأصحابه ، وسفيان الثوري .