الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص25
والقول الثاني : لا تحل ذبيحته تعليلاً بأن اجتماع الحظر والإباحة يوجب تغليب الحظر على الإباحة ، كالمتولد من حمار وحشي وحمار أهلي .
وقال أبو حنيفة : إن كان أحدهما كتابياً حلت ذبيحته سواء كان الكتابي منهما أباه وأمه ، كما لو كان أحد أبويه مسلماً . والآخر مجوسياً ، ولا يوجب تغليب الحظر على الإباحة ؛ كما لم يغلب الحظر في إسلام أحد أبويه ، وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أنه لما غلب في النكاح حكم الحظر على الإباحة في ولد الكافر ، وإن لم يغلب حكم الحظر إذا كان أحدهما مسلماً وجب حكم الذبيحة بمثابته .
والثاني : وهو ما علل به الشافعي أن الإسلام لا يشركه الشرك والشرك يشركه الشرك ، وبيانه أن الإسلام والشرك لا يجتمعان ، ويرتفع الشرك بقوة الإسلام ؛ لقول الله تعالى : ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْفَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ) ولقول النبي ( ص ) : ‘ الإسلام يعلوا ، ولا يُعلى ‘ .
وإذا كان أحد أبويه مسلماً ، والآخر مشركاً ، غلبه حكم الإسلام على حكم الشرك ، ويجتمع الشرطان ؛ لأنهما باطلان ، فلم يرتفع حكم أحدهما بالآخر ، وإذا لم يرتفع حكما أحدهما وجب أن يغلب الحظر منهما .
قال الماوردي : اعلم أن الصيد الممتنع لتعذر القدرة عليه يتوصل إليه بأسباب تجعل حيلاً في القدرة عليه ، وهو يتنوع بأنواع :
أحدها : الجوارح المرسلة عليه ، وقد ذكرناها .
والثاني : السلاح الذي يرمى به ، فإن قتل بثقله كالحجر والخشب ، فهو وقيذ لا يؤكل وإن قطع بحده أو بعد تدمية ، فهو مأكول ، فأما المعراض . فهو آلة تجمع خشباً وحديداً ، فإن أصاب بحده أكل ، وإن أصاب بعرضه فهو وقيذ .
والنوع الثالث : ما نصب له من الآلة التي تفارق آلته ، فتضغطه ، وتمسكه كالفخ والشرك والشبكة والأحبولة ، فإذا وقع فيه وأدركت ذكاته حل ، وإن فاتت ذكاته ومات لم يؤكل سواء كان في الآلة سلاح قطع بحد أو لم يكن فيها سلاح ، فمات بضغطه .
وقال أبو حنيفة : إن كان فيها سلاح قطع بحده يحل استدلالاً لقول النبي ( ص ) : ‘ ما أنهر الدم ، وفرى الأوداج ، فكل ‘ .
ولأنه يمتنع عقره بحد ، فحل أكله كالمرمي بحديدة .
ولأنه لما استوى السبب والمباشرة في وجوب الضمان وجب أن يستويا في إباحة الأكل .