پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص19

غير المعين ؛ ولأن ذكاة المقدور عليه أغلظ ، وقد ثبت أن المذكى لو أراد شاة ، فذبح غيرها حلت ، فكان الصيد الممتنع إذا أرسل عليه كلبه ، فصار غيره أولى أن يحل ؛ ولأنه لو أرسل على صيد كبير ، فهرب ، وكان معه ولد صغير وأخذه الكلب حل بوفاق مالك ، فإذا كان كبيراً فأولى أن يحل ؛ لأنه أمنع .

( فصل : )

فإن كان الصيدان في جهتين ، فأرسل إلى إحداهما ، فعدل إلى الآخر ، فله في اختلاف الجهات أسماء يقال : صيد سانح إذا كان عن يسار الرامي ، وهو أمكن ، وصيد بارح إذا كان عن يمين الرامي وهو أشق وصيد قعيد إذا كان مقابل الرامي فإذا أرسل على صيد في جهة ، فعدل إلى غير من جهة أخرى ، فلا يخلو أن يكون سلاحاً أو جارحاً ، فإن كان سلاحاً خرج عن يده من سهم رماه أو سيف ألقاه ، فعدل السهم أو السيف عن تلك الجهة إلى غيرها إما لريح اعترضته أو لخطأ كان منه ، فالصيد مأكول ؛ لأنه منسوب إلى فعله ، وإن أخطأ في قصده ، وخطأ المذكي لا يمنع من إباحة ذكاته كما لو أراد شاة فذبح غيرها .

وإن كان ذلك جارحاً من كلب أرسله إلى جهة ، فعدل إلى غيرها ، فقد حكى أبو حامد الإسفراييني في إباحته وجهين :

أحدهما : أنه مباح الأكل كالسهم ، ونسبه إلى قول أبي إسحاق المروزي ، ولم أره في شرحه .

والوجه الثاني : أنه لا يؤكل ، وفرق بين الكلب والسهم ، لأن للكلب اختياراً ينصرف به ، وأصح عندي من هذين الوجهين أن يراعى مخرج الكلب عند إرساله ، فإن خرج عادلاً عن جهة إرساله إلى غيرها لم يؤكل صيده منها ، وإن خرج إلى جهة إرساله ففاته صيدها ، فعدل إلى غيرها ، وأخذ صيدها أكل ؛ لأنه على الصفة الأولة متخالف ، فصار مسترسلاً وعلى الصفة الثانية موافق ، وكان مرسلاً ، وهذا أدل على فراهته ؛ لئلا يرجع خلياً إلى مرسله . ألا ترى أن الصيد له عدل عن جهة إلى غيرها ، فعدل الكلب إليها حتى أخذه حل ؛ كذلك إذا أخذ غيره .

( فصل : )

وإذا أرسل سهمه على صيد في الحل ، فعصفت الريح بالصيد والسهم إلى الحرم حتى قتله فيه ضمنه بالجزاء ، ولم يأكله .

ولو أرسل كلبه على صيد في الحل ، فعدل الصيد والكلب إلى الحرم حتى قتله فيه لم يضمنه ، وحل له أكله ؛ لأن حكم الكلب معتبر بحال إرساله ، وحكم السهم معتبر بحال وقوعه ، ولو أرسل سهمه على صيد ، فأصاب السهم الأرض ، ثم ازدلف فيها إلى الصيد فقتله ففي إباحة أكله وجهان :