الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص18
فلو كانت معه سكين ، فضاعت أو غصبه عليها غاصب حتى مات لم يؤكل ، ولو حال بينه وبين الصيد سبع ، فلم يصل إليه حتى مات أكل .
والفرق بين غصب السكين ، وبين منع السبع أن غصب السكين وضياعها عائد إليه ، ومنع السبع عائد إلى الصيد ، فلو كانت السكين في قراب قد أمسك عليها فتعسر عليه خروجها حتى مات ، قال أبو علي بن أبي هريرة : يكون مأكولاً ؛ لأن السكين في الأغلب تصان في قرابها إلى وقت الحاجة إليها ، فلم يكن مفرطاً ، وهذا عندي معتبر بحال القراب ، فإن كان على المعهود في الإمساك لما اشتمل عليه كان مأكولاً ، وإن خرج عن المعهود في الضيق والشدة كان غير مأكول .
ولو أخرج السكين ، وتشاغل بإحدادها حتى مات ، فهو غير مأكول ولو تشاغل بطلب موضع الذبح حتى مات فهو مأكول ؛ لأنه لا يجد من طلب موضع الذبح بداً ، ويجد من إحداد السكين بداً .
فلو شك في الصيد بعد موته : هل أدرك ذكاته ، فيحل له كالمجروح إذا غاب عنه ، فيكون على قولين :
أحدهما : يحرم ، وهو الأظهر هناك .
والثاني : يحل ، وهو الأصح هاهنا .
قال الماوردي : وهذا كما قال .
إذا رأى صيداً ، فأرسل عليه كلباً أو سهماً ، فأصاب غيره ، وقتله ، فلا يخلو من أحد أمرين :
إما أن يكون الصيدان في جهة واحدة ، أو في جهتين ، فإن كانا في جهة واحدة حل أكله ، وإن كان غير ما أرسل عليه سواء كان الصيد المصاب موجوداً عند الإرسال أو معرضاً بعده ، وبه قال أبو حنيفة والأكثرون .
وقال مالك : هو حرام ؛ لأنه أصاب غير ما أرسل عليه ، فصار والكلب فيه المسترسل من غير إرسال .
ودليلنا : قول الله تعالى : ( فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) ( المائدة : 4 ) ، فكان على عمومه ؛ ولأن تعين الصيد في الإرسال لا يلزم ، ألا تراه لو أرسله على واحد من جماعة جاز ، وأيها صار حل ؛ لأن تعليمه على معين منها غير ممكن ، وإذا سقط التعيين حل