الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص15
مذكى ، وإن كانت حياته ضعيفة ، كاضطراب المذبوح لا يبقى معها زماناً مؤثراً لم يحل أكله بذبحه ، وكان على تحريمه .
قال الماوردي : وصورتها أن يرمي صيداً بسهم أو يرسل عليه كلباً ، فيغيب الصيد عنه ، ثم يجده ميتاً ، فهذا على ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون السهم أو الكلب قبل مغيب الصيد قد بلغ منه مبلغ الذبح ، وهو يراه ثم تحامل الصيد بضعف الحياة حتى غاب عنه ، ثم وجده ميتاً ، فهذا مأكول ؛ لأنه قد صار مذكى عند مشاهدته ، فلم يحرم ما حدث بعده .
والقسم الثاني : أن يغيب الصيد قبل أن يقع فيه السهم ، وقبل أن يجرحه الكلب ، ثم يجده بعد غيبته مجروحاً ميتاً ، فهو حرام لا يؤكل سواء كان السهم واقعاً فيه ، والكلب واقعاً عليه ، أو لا ؛ لأنه قد يجوز أن يشارك عقر الكلب في قتله جراحة سبع أو لسعة أفعى ، ويغرب فيه سهم إنسان آخر ، فلما احتمل هذا وغيره وجب أن يكون محرماً ؛ لأنه على أصل الحظر .
والقسم الثالث : أن يقع فيه السهم ويجرحه الكلب ، وهو يراه ، ويغيب عنه ، وهو قوي الحياة ، ثم يجده ميتاً ، فهي مسألة الكتاب .
والذي نص عليه الشافعي ، ونقله المزني أنه لا يؤكل للخبر عن ابن عباس ، والقياس .
وقال في كتاب ‘ الأم ‘ : لا يؤكل إلا أن يكون قد ورد فيه خبر ، فيسقط حكماً خالفه ، ولا يقوم له رأي ، ولا قياس ، وقد ورد فيه خبر ، وهو ما روي أن أبا ثعلبة الخشني قال : ‘ يا رسول الله إني أرمي الصيد ، وأجده ميتاً ، فقال ؛ كله ما لم تر فيه أثر غيرك ‘ وروى أن عدي بن حاتم قال : ‘ يا رسول الله إني أرمي الصيد ، فأقتفي أثره اليوم والثلاثة ، وأجده ميتاً ، فقال : ‘ كله ما لم ينتن ‘ ، وروى : ما لم يصل : أي لم يتغير ، وهذان الخبران قد وردا من طريق ضعيف ، فإن لم يصح واحد منهما ، والحكم فيه ما نص عليه أنه غير مأكول ، وإن صح هذان الخبران أو أحدهما ، فهو مأكول ، واختلف أصحابنا في صحته ، فذهب أكثر البصريين إلى أنه ليس بصحيح ، ولا ثابت ، وأن المسألة على قول واحد أنه غير مأكول .