پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص11

وقال الشعبي ، وداود ، وأبو ثور : التسمية واجبة ، فإن تركها عامداً أو ناسياً حرم الأكل .

وقال سفيان الثوري ، وأبو حنيفة ، وأصحابه ، وإسحاق بن راهويه : تجب مع الذكر ، تسقط مع النسيان ؛ فإن تركها عامداً حرم ، وإن تركها ناسياً حل ؛ استدلالاً بقول الله تعالى : ( وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرُ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لِفِسْقٌ ) ( الأنعام : 121 ) ، وهذا نص ، وبقول النبي : ( ص ) لعدي ، وأبي ثعلبة الخشني : ‘ إذا أرسلت كلبك المكلب ، وذكرت اسم الله عليه ، فكل ‘ فعلق الإباحة بشرطين ، فلم يجز أن يتعلق بأحدهما ؛ ولأنه لما كان من شرط الذكاة أن يكون المذكى من أهل التسمية ، فحلت ذكاة المسلم والكتابي ؛ لأنه من أهلها . ولم تحل ذكاة المجوسي ، والوثني ؛ لأنه ليس من أهلها ، كانت التسمية أولى أن تكون من شرط الذكاة ؛ لأنه حرمة أهلها بها .

وبعكسه لما لم تكن التسمية شرطاً في صيد السمك لم تكن من شرط صائده أن يكون من أهل التسمية من مجوسي ووثني كما حل صيد من كان من أهلها من مسلم وكتابي .

ودليلنا قول الله تعالى : ( وَمَا أَكَلَ السَّبْعُ إِلاَّ مَا زَكَّيْتُمْ ) ( المائدة : 3 ) ، فكان على عمومه ، وإن قيل : فالتسمية هي الذكاة كان فاسداً من وجهين :

أحدهما : أن التسمية قول والذكاة فعل ، فافترقا .

والثاني : أن النبي ( ص ) سئل عن الذكاة ، فقال : ‘ في الحلق واللبة ‘ ، وقال تعالى : ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتِ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُو الكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ) ( المائدة : 5 ) ، يعني ذبائحهم . والظاهر الغالب من أحوالهم أنهم لا يسمون عليها ، فدل على إباحتها .

وروى البراء بن عازب عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ المسلم يذبح على اسم الله سمى أو لم يسم ‘ .

وروى أبو هريرة أن رجلاً قال : يا رسول الله أرأيت الرجل منا يذبح ، وينسى أن يسمي الله تعالى ، فقال : ‘ اسم الله على قلب كل مسلمٍ ‘ .

وروى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن قوماً قالوا : يا رسول الله إن قوماً يأتون بلحمٍ لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا ، فقال : ‘ اذكروا اسم الله عليه ، ثم كلوه ‘ .

وأباح الذبيحة من غير تسمية ، والتمسية عند الأكل لا تجب فدل على أنها مستحبة .