الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص10
كإسلام مرسله لو ارتد عنه بعدم إرساله لم يحرم ما صيد قبل ردته ؛ ولأنه قد حكم بتعليمه بما تكرر من ترك أكله ، وحدوث الأكل منه يحتمل أن يكون لشدة جوع ، ويحتمل أن يكون لحدوث نسيان ويحتمل أن يكون لأن تعليمه لم يستقر فلم يجز أن ينقض ما تقدم من لحكم بتعليمه بأمر محتمل يتردد بين حدوث وقدم ، كالشاهدين إذا نفذ الحكم بشهادتهما ، ثم حدث فسقهما لم يجز أن ينتقض به الحكم المتقدم ؛ لجواز تردده بين حدوث وقدم ؛ ولأن تركه الأكل شرط في التعليم كما أن استرساله إذا أرسل شرط فيه ، ثم ثبت أنه صار يسترسل إن لم يرسل ، ولا يسترسل إن أرسل لم يدل على تحريمه ما تقدم من صيده ، وإن كان غير معلم فيه ، كذلك حدوث الأكل .
وبتحرير هذه الأدلة تكون الأجوبة عما قدموه من الدليل .
فإن قيل : فإذا تعارض ما يوجب الحظر والإباحة ، يغلب حكم الحظر على الإباحة . قيل : قد اختلف أصحابنا فيه ، فمنهم من سوى بينهما واعتبر ترجح أحدهما بدليل .
ومنهم من غلب الحظر ، وهو قول الأكثرين ، لكن يكون هذا فيما امتزج فيه حظر وإباحة . فأما ما لم يمتزج فيه الحظر والإباحة ، فلا يوجب تغليب الحظر على الإباحة ، كالأواني إذا كان بعضها بخساً ، وبعضها طاهراً لم تمنع من الاجتهاد في الظاهر ، وهاهنا قد تميزت الإباحة في المتقدم على الحظر ، في المستأجر ، فلم يجز تغليب أحدهم على الآخر ، وأثبت كل واحد من الحكمين في محله .
أحدهما : أن الدم خارج من الإباحة ، فلم يعتقد منه التحريم كالغرث .
والثاني : أنه منفصل ، فلم يوجد منه حكم متصل ، والله أعلم .
قال الماوردي : التسمية على الصيد والذبيحة سنة ، وليست بواجبة ، فإن تركها عامداً أو ناسياً ، حل أكله .
وبه قال من الصحابة عبد الله بن عباس ، وأبو هريرة .
ومن الفقهاء عطاء ، ومالك .