الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص391
قولين ، كبيع العبد المسلم على نصراني :
أحدهما : إن الإجارة باطلة إذا قيل : إن البيع باطل .
والقول الثاني : إن الإجارة جائزة إذا قيل : إن البيع جائز .
والصحيح – عندي أن يعتبر حال الإجازة ، فإن كانت معقودة على عمل يعمله الأجير في يد نفسه لا في يد مستأجره ، ويتصرف فيه على موجب عقده لا على رأي مستأجره كالخياطة والنساجة والصياغة ، صحت الإجازة ، وإن كانت معقودة على تصرف الأجير في يد المستأجر عن أمره كالخدمة لم يجز ؛ لأنه في هذا مستذل وفي الأول مصان .
فإن قيل ببطلان الإجارة كان للأجير أجرة المثل فيما عمل ، ولم يلزمه إتمام ما بقي .
وإن قيل : بصحة الإجازة ، فإن كان مما يعمله الأجير في يد نفسه أخذ بعمله ، وإن كان يعمله في يد مستأجره ، وبأمره منع من استذلاله بالعمل ، وأوجر الأجير على ذلك العمل ودفعت أجرته إلى المستأجر ، ليستأجر بها إن شاء من يجوز أن يكون أجيرا له ، كما يباع عليه العبد المسلم إذا ابتاعه ، إذا صح بيعه .
قال الماوردي : أما المصحف فممنوع من بيعه على المشركين ؛ لما روي عن النبي ( ص ) ‘ أنه نهى أن يسافر بالمصحف مخافة أن تناله أيديهم ‘ فإذا منعوا من مسه تعظيما لحرمته كان منعهم من تملكه واستبذاله أولى .
فإن بيع على مشرك كان البيع باطلا قولا واحدا وإن كان بيع العبد المسلم على قولين ؛ لأن المصحف لتحريم مسه أغلظ حرمة منه لعبد الذي لا يحرم مسه .
فأما أحاديث رسول الله ( ص ) فقد جمع الشافعي بينها وبين المصحف في المنع من البيع ، وإنما يستويان في المنع ، ويفترقان في البيع ، وإنما منعوا من ابتياع كتب أحاديث رسول الله ( ص ) صيانة لها من تعرضهم لاستبذالها ، وإن جاز لهم مسها ، فإن ابتاعوها فهي ضربان :
أحدهما : أن يكون فيها سيرته وصفته فابتياعهم لها جائز .
والوجه الثاني : أن يكون فيها كلامه من أوامره ونواهيه ، وأحكامه ، ففي البيع وجهان :