الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص321
المارة من المسلمين وأبناء السبيل ، وأن لا يجددوا ما خرب منها – ذكره أبو الوليد في المخرج على كتاب المزني ، ولأن إحداثها معصية ، لاجتماعهم فيها على إظهار الكفر ، ولذلك أبطلنا الوقوف على البيع والكنائس ، وعلى كتب التوراة والإنجيل ، ولأنهم يقتطعون ما بنوه من غير إظهار الإسلام فيها ، ويجب أن يكون الإسلام في دار الإسلام ظاهرا ، فلهذه الأمور الثلاثة منعوا . فإذا تقرر أن حكم بلاد الإسلام موضوعة على هذا لم يخل حالهم من ثلاثة أقسام : أحدها : ما أحياه المسلمون . والثاني : ما فتحوه عنوة . والثالث : ما فتحوه صلحا . فأما القسم الأول : وهو ما ابتدأ المسلمون إنشاءه في بلاد الإسلام من موات لم يجر عليه ملك كالبصرة والكوفة ، فلا يجوز أن يصالح لأهل الذمة في نزولها على إحداث بيعه ولا كنيسة فيها ، لأنه لا يجوز أن يصالحوا على ما يمنع منه الشرع ، ويكون خارجا من جملة صلحهم ، وإن تمسكوا فيه بعقد الصلح قيل لهم : إن رضيتم بإبطال هذا منه ، وإلا نقضنا عهدكم ، وبلغناكم مآمنكم ، ولا يبطل آمانهم بنقضنا بعهدهم لأننا نحن نقضناه بما منع الشرع منه .
فإن قيل : فقد نرى في هذه الأمصار بيعا وكنائس كالبصرة والكوفة وبغداد ، وهو مصر إسلامي بناه المنصور .
قلنا : إن علمنا أنها أحدثت وجب هدمها ، وإن علمنا أنها كانت قديمة في المصر قبل إنشائه لأن النصارى قد كانوا يبنون صوامع ، وديارات ، وبيعا في الصحاري ينقطعون إليها ، فتقر عليهم ، ولا تهدم ، وإن أشكل أمرها ، أقرت إستصحابا ، لظاهر حالها .
فأما العامر من البيع والكنائس عند فتحها ، ففي جواز إقرارها عليهم إذا صولحوا وجهان :
أحدهما : يجوز إقرارها عليهم لخروجها عن أملاكهم المغنومة ، وهو الصحيح ،