پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص320

وكانوا حربا يقتلون ، ويسترقون ، وان لم يقاتلونا ففي بطلان أمانهم بانتقاض عهدهم قولان : أحدهما نص عليه في كتاب الجزية أن أمانهم لا يبطل بنقض العهد ، لأنه مستحق في عقد ، فالتزمنا حكمه ، وإن لم يلتزموه . ولا يجوز بعد نقض العهد أن يقروا في دار الإسلام ولزم أن يبلغوا مأمنهم ، ثم يكونوا بعد بلوغ مأمنهم حربا . والقول الثاني : نص عليه في كتاب النكاح من الأم أن أمانهم قد بطل ، لأنه مستحق بالعهد ، فبطل بانتقاضه ما استحق به كسائر العقود ، فعلى هذا قد صاروا ببطلان الأمان حربا يجري عليهم حكم الأسرى إما الاسترقاق أو المن ، أو الفداء ، فلو أسلموا قبلها سقطت عنهم ، ولم يجز أن يسترقوا ، ويفادوا بعد إسلامهم ، وإن جاز استرقاق الأسير المحارب بعد إسلامه ، لأن لهؤلاء أمانا متقدما لم يكن للأسير ، فصار حكمهم به أضعف وأخف من الأسير . فأما أمان ذراريهم من النساء والصبيان ، ففي بطلان أمانهم وجهان : أحدهما : يبطل ، لأنهم تبع في لزومه ، فكانوا تبعا في بطلانه ، فيصيروا سبيا . والوجه الثاني : – وهو أظهر – أن أمانهم لا يبطل لاستقراره فيهم ، فلم يبطل ببطلانه في غيرهم ، فلا يجوز أن يسبوا ، ويجوز إقرارهم في دار الإسلام ، فإن سألوا الرجوع لدار الحرب أعيد الصبيان ، لأنه لا حكم لاختيار من لم يبلغ ، وأقام الصبيان حتى يبلغوا ، ثم يخاطبوا بالجزية ، فإن التزموها استؤنف عهدهم عليها ، وإن امتنعوا منها بلغوا مأمنهم ، ثم كانوا حربا ، فإن لم يبلغ الصغار مطلبهم أهلوهم من دار الحرب نظر . فإن كان طالبهم هو المستحق لحضانتهم أجيب إلى ردهم عليه ، وان كان غير المستحق لحضانتهم منع منهم .

( مسألة )

: قال الشافعي : ‘ ولا يحدثوا في أمصار الإسلام كنيسة ولا مجمعا لصلاتهم ولا يظهروا فيها حمل خمر ولا إدخال خنزير ‘ . قال الماوردي : وهذا قد دخل في جملة القسم الثالث من منكراتهم ، فيمنعوا من إحداث البيع والكنائس في أمصار المسلمين ، لما روى مسروق عن عبد الرحمن بن غنم قال : لما صالح عمر بن الخطاب نصارى الشام كتب لهم كتابا ، فذكر فيه أنهم لا يبنون في بلادهم ، ولا فيما حولها ديرا ولا كنيسة ، ولا صومعة راهب وأن لا يمنعوا