الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص316
وقال أبو حنيفة : تتداخل ، ولا يؤخذ منه إلا جزية سنة واحدة ، استدلالا بأن الجزية عقوبة ، فوجب أن لا تتداخل كالحدود .
ودليلنا : هو أنها مال يتكرر وجوبه في كل حول ، فوجب أن لا يتداخل كالزكاة والدية على العاقلة ، ولأن الجزية معاوضة عن حقن الدم والمساكنة ، فوجب أن لا تتداخل كالأجرة .
وأما الجواب عن قياسه على الحدود مع انتقاضه بمن أفطر بجماع في شهر رمضان ، ثم أفطر فيه في يوم ثان ، لم تتداخل الكفارتان ، وإن كانتا من جنس واحد ، فهو أن المعنى في الحدود أن لا مال فيها ، فجاز أن تتداخل كالقطع في السرقة ، والجزية مال ، فلم تتداخل ، كالمال فيها .
فإذا ثبت هذا ، وغاب الذمي سنين ثم عاد مسلما ، وادعى تقدم إسلامه ، وسقوط جزيته في جميع مدته ، قال الشافعي : قبل قوله في سقوطها عنها ، وأحلف إن اتهم .
قال الربيع : وفيها قول آخر : أنه لا يقبل منه إلا ببينة ، لأنها على أصل الوجوب ، فلم تسقط بمجرد الدعوى .
والأشبه أنه قال مذهبا لنفسه ، وليس يصح ، لأنه خلف في أصل الوجوب ، والأصل براءة الذمة ، والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : وجملته أن المقصود بعقد الجزية تقوية الإسلام ، وإعزازه وإضعاف الكفر وإذلاله ليكون الإسلام أعلى والكفر أخفض ، كما قال النبي ( ص )
الإسلام يعلو ولا يعلى
فكل ما دعا إلى هذا كان الإمام مأمورا باشتراطه عليهم ، وما يؤخذون به من ذلك في عقد جزيتهم ينقسم خمسة أقسام :
أحدها : ما وجب بالعقد دون الشرط .
والثاني : ما وجب بالشرط ، واختلف في وجوبه بالعقد .
والثالث : ما لم يجب بالعقد ، ووجب بالشرط .
والرابع : ما لم يجب بالعقد ، واختلف في وجوبه بالشرط .