الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص315
وأما الجواب عن قولهم ، إنهم صغار ، فهو أنه منتقض بالاسترقاق ، وبالخراج ، ويفسد بالحدود ، وهي عقوبة وإزلال ، ولا تسقط بالعقوبة بعد الوجوب على أن الصغار عليه ، في الوجوب دون الاستيفاء وقد يمنع الإسلام من وجوب ما ل ا يمنع من استيفائه كذلك الجزية .
فإن كان بعد انقضاء الحول واستقرار الوجوب استوفيت منه جبرا وحبس بها إن امتنع .
وإن كان إسلامه في تضاعيف الحول سقطت عنه جزية ما بقي من الحول ، وهل تؤخذ منه جزية ما مضى قبل إسلامه أم لا ؟ على قولين من اختلاف قولي الشافعي في حول الجزية : هل هو مضروب للوجوب أو لا .
فأحد قوليه : أنه مضروب للوجوب كالحول في الزكاة ، فعلى هذا لا جزية عليه فيما مضى منه قبل إسلامه .
والقول الثاني : أنه مضروب للأداء كالحول في عقل الدية ، فعلى هذا تجب عليه جزية ما مضى قبل إسلامه .
وخالف أبو حنيفة القولين معا وقال : الجزية تجب بأول الحول ، وتؤخذ في أوله ، وليس الحول فيها مضروبا للوجوب ، ولا للأداء ، وإنما هو مضروب لانقضاء مدتها ، احتجاجا بقول الله تعالى : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ، ولا باليوم الآخر ) إلى قوله : ( حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) [ التوبة : 29 ] . فأمر بالكف عن قتالهم بإعطاء الجزية ، فدل على استحقاقها بالكف عنه دون الحول .
والدليل على أنها لا يتعلق بأول الحول وجوبها ، ولا أداؤها ، ما روي عن النبي ( ص ) : أنه كتب إلى أهل اليمن أن تؤخذ جزية أهل الكتاب من كل حالم ، دينارا في كل سنة ‘ فاقتضى أن يكون وجوبها وأداؤها بعد أنقضاء السنة ، ولأنه مال يتكرر وجوبه في كل حول ، فوجب أن لا يلزم أداؤه قبل انقضاء حوله كالزكاة والدية على . العاقلة .
فأما الجواب عن الدية ، فهو أن المراد بإعطاء الجزية ضمانها دون دفعها ، لإجماعنا على أنهم إذا ضمنوا الجزية حرم قتلهم قبل دفعها .