الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص313
الجزية عوض عن حقن دمه ، وإقراره في دار الإسلام على كفره فلم يسقط ما وجب منها بموته كالأجور .
فأما الجواب عن اعتبارهم بالحدود ، فهو أن الحد متعلق بالبدن ، فسقط بالموت كالقصاص ، والجزية متعلقة بالمال ، فلم تسقط بالموت كالدية .
وأما الجواب عن استدلالهم بخروجه من أهل القتال ، فهو أنها تؤخذ على ما مضى في حياته ، وقد كان فيه من أهل القتال .
فإذا تقرر أنها لا تسقط بالموت والفلس ، كانت كالديون المستقرة تقدم على الوصايا ، والورثة ، ويساهم فيها الغرماء بالحصص ، ويكون ما عجز المال عنها دينا في ذمة المفلس ، وثابتا على الميت .
وهكذا لو زمن أو عمي أو جن لم يسقط عنه ، وأسقطها أبو حنيفة عنه ، ودليله ما قدمناه .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا أسلم الذمي بعد وجوب الجزية عليه لم تسقط بإسلامه .
وقال أبو حنيفة : تسقط عنه بإسلامه استدلالا بقول الله تعالى : ( حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) [ التوبة : 29 ] . والمسلم لا صغار عليه ، وبقوله تعالى ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) [ الأنفال : 38 ] . وقد انتهى بالإسلام ، فوجب أن يغفر له ما سلف من الجزية .
وبما روي عن النبي ( ص ) أنه قال
الإسلام يجب ما قبله
.
وبما روى محارب بن دثار عن ابن عمر ، عن النبي ( ص ) أنه قال
لا جزية على مسلم
، وهذا نص .
ومن القياس : أنها عقوبة تتعلق بالكفر ، فوجب أن تسقط بالإسلام كالقتال .
ولأن الجزية تؤخذ منه صغارا وذلة ، والمسلم لا صغار عليه ، فوجب سقوطها عنه .
ودليلنا : قول رسول الله ( ص )
الزعيم غارم
وقد ضمنها ، فوجب أن يلزمه غرمها .