الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص310
فقال النبي ( ص ) : ‘ هذا حكم الله من فوق سبعة أرقعة ‘ .
وهل يكون ذلك بلوغا فيهم كالسن والاحتلام ، أو يكون دليلا على بلوغهم ، فيه قولان مضيا .
فإن كان ذلك في أول الحول : فقد ساووا أهل دينهم في حول جزيتهم ، وإن كان ذلك في تضاعيف الحول مثل أن يكون قد مضى من الحول نصفه قيل لهم : لا يمكن أن يستأنف لكم حول غير حول أهل دينكم لأنه شاق ، وأنتم بالخيار إذا حال حول الجماعة وقد مضى لكم من الحول نصفه بين أن تعطوا جزية نصف سنة ثم يستأنف لكم الحول مع الجماعة ، وبين أن تتعجلوا جزية سنة حتى تؤخذ منكم في السنة الثانية جزية نصف سنة ، وبين أن تستنظروا بجزية نصف هذه السنة حتى تؤخذ منكم مع جزية السنة الثانية إذا تمت جزية سنة ونصف فأي هذه الثلاثة سألوها أجيبوا إليها .
قال الماوردي : وهذا مبني على إباحة قتل من أسر منهم ، وقد اختلف قول الشافعي في إباحة قتل الرهبان ، وأصحاب الصوامع ، والأعمى ومن لا نهضة فيه من الشيوخ والزمنى الذين لا يقاتلون إما لتعبد كالرهبان أو لعجز كالشيخ الفاني ، ففي جواز قتلهم قولان :
أحدهما : يجوز قتلهم ، لأنهم من جنس مباح القتل ، ولأنهم كان رأيهم ، وتدبيرهم أضر علينا من قتال غيرهم ، فعلى هذا لا يقرون في دار الإسلام إلا بجزية .
والقول الثاني : أنه لا يجوز قتلهم ، لأن القتل للكف عن القتال ، وقد كفوا أنفسهم عنه ، فلم يقتلوا ، فعلى هذا يقرون بغير جزية وهو مذهب أبي حنيفة فصار في إقرارهم بغير جزية قولان .