الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص309
العبد على كفره ، وكان من أهل الكتاب استؤنفت جزيته ، و سواء أعتقه مسلم أو كافر .
وقال مالك : إن أعتقه مسلم ، فلا جزية عليه ، لحرمة ولائه ، وهذا خطأ ، لأن حرمة النسب أغلظ ، ولا تسقط الجزية بإسلام الأب ، فكان أولى أن لا تسقط بإسلام المعتق ، لكن إن كان المعتق مسلما استؤنفت جزيته عن مراضاة ، وإن كان معتقه ذميا ، ففيها ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه يلزمه جزية معتقة ، لأنها لزمته بعتقه .
والوجه الثاني : يلزمه جزية عصبته ، لأنهم أخص بميراثه ونصرته .
والوجه الثالث : أنه لا يلزمه إلا ما استأنف الصلح عليه بمراضاته ، ليفرده بها من غيره ، فإن امتنع منها بنذر إليه عهده ثم صار حرا ، وعلى الوجهين الأولين تؤخذ منه جبرا .
والظاهر من مذهب الشافعي أنهم يلتزمون جزية آبائهم من غير استئناف عقد معهم ، لأنهم خلف لسلفهم .
وقال أبو حامد الإسفراييني : لا تلزمهم جزية آبائهم ، ويستأنف معهم عقدها عن مراضاتهم ، إما بمثلها أو بأكثر أو أقل إذا لم ينقص عن الدينار ، وهذا وهم فيه يفسد من وجهين : مذهب ، وحجاج .
أما المذهب : فإن الشافعي قد جعل جزية الولد إذا اختلفت جزية أبويه أن جزيته جزية أبيه دون أمه .
وأما الحجاج : فمن وجهين :
أحدهما : أنهم لما كانوا تبعا لآبائهم في أمان الذمة كانوا تبعا لهم في قدر الجزية .
والثاني : أن عقد الذمة مؤبد . وهذا يجعله مؤقتا يلزم استئنافه مع بلوغ كل ولد ، وفيه أعظم مشقة ، وما فعله أحد من الأئمة .
فأما البلوغ : فيكون بالاحتلام ، وباستكمال خمس عشرة سنة ، ويحكم ببلوغه بإنبات الشعر ، لأن سعد بن معاذ حكم في بني قريظة أن من جرت عليه المواسي قتل ، ومن لم تجر عليه استرق .