الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص307
بتوسيع أبواب كنائسهم وبيعهم ، ليدخلها الراكب إذا نزلها ، وليس للأضياف إخراجهم من مساكنهم إذا نزلوا عليهم ، وإن ضاقت بهم .
ويثبت الإمام ما استقر من صلح هذه الضيافة في ديوان كل بلد من بلاد الضيافة ، ليأخذهم عامل ذلك البلد بموجبه ثم يثبته في الديوان العام لثبوت الأموال ، كلها ليرفع إليه عند الحاجة إذا تنازع فيه المسلمون وأهل الذمة ، وإن فقد الديوان ، ولم يعرف فيه ما صولحوا عليه عمل ما يشهد به شاهدان من المسلمين ، فإن لم يكن عندهم شهادة قبل فيه قول أهل الذمة إقرارا لا خبرا ولا شهادة ، فإن عمل على قولهم فيها ثم بان له زيادة رجع عليهم بها .
قال الماوردي : ذكر الشافعي فيمن تسقط الجزية عنه أربعة أصناف النساء والمجانين ، والعبيد والصبيان .
فأما النساء ، فلا جزية عليهم لخروجهن عن المقاتلة ، وتحريم قتلهن عند السبي ، والله تعالى يقول ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ) [ التوبة : 29 ] . وهن غير مقاتلات . وقد مر رسول الله ( ص ) في بعض غزواته بامرأة مقتولة ، فقال : ‘ ما بال هذه تقتل وهي لا تقاتل ‘ فلذلك قلنا : إنه لا جزية عليها ، سواء كانت ذات زوج يؤدي الجزية أو كانت خالية لا تتبع رجلا ، وهكذا الخنثى المشكل لا جزية عليه ، لجواز أن يكون امرأة ، فلو بذلت امرأة من أهل الذمة الجزية عن نفسها لم يلزم لخروجها من أهل الجزية ، فإن دفعتها مختارة جاز قبولها منها ، وتكون هدية لا جزية ، فإن امتنعت من إقباضها لم تجبر على دفعها ، لأن الهدايا لا إجبار فيها وإذا نزل جيش المسلمين حصنا ، فبذل نساؤه الجزية لم يخل حالهن من أمرين :
أحدهما : أن يكون معهن رجال ، فلا يصح عقد الجزية معهن ، سواء بذلن الجزية من أموالهن أو من أموال رجالهن ، لأنهن إن بذلنها من أموالهن ، فلسن من أهل الجزية ، فلا تلزمهن ، وإن بذلنها من أموال رجالهن لم يلزم الرجال بعقد غيرهم .
والثاني : أن ينفرد النساء في الحصن عن رجل مختلط بهن ، ففي انعقاد الجزية معهن منفردات قولان حكاهما أبو حامد الإسفراييني وأشار إليهما أبو علي بن أبي هريرة توجيها :
أحدهما : أنه لا تنعقد بهما الذمة لهن لخروجهن من أهل الجزية ، فلم تنعقد