الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص246
أمهاتهم ولا يوجب إسلامهم موت أمهاتهم ‘ قال الماوردي : ومقدمة هذه المسألة أن المسبي من أولاد المشركين لا يخلو حال سبيه ، أن يكون مع أحد أبويه أو مفردا ، فإن سبي مع أحد أبويه كان حكمه بعد السبي كحكم المسبي مع أبويه ، فإن أسلم أبواه أو أحدهما كان إسلاما له ولصغار أولادهما ، سواء اجتمع الأبوان على الإسلام أو أسلم أحدهما وسواء كان المسلم منهما أباه أو أمه ، ولا اعتبار بحكم السابي ، وإن لم يسلم واحد من أبويه كان مشركا بشركهما ، ولا يصير مسلما بإسلام سابيه ، ولأن اعتباره بأحد أبويه أولى من اعتبار سابيه لأجل البعضية ، وبه قال أبو حنيفة .
وقال الأوزاعي : يصير مسلما بإسلام السابي وإن كان مع أحد أبويه ، وهذا خطأ لقول النبي ( ص ) ‘ كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ‘ .
وقال مالك يصير الولد مسلما بإسلام أبيه ، ولا يصير مسلما بإسلام أمه ، ويكون في الدين تابعا لسابيه دون أمه ، وهذا غير صحيح ، لأمرين :
أحدهما : قول النبي ( ص ) : ‘ فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ‘ فاعتبر حكمه بأبويه دون سابيه .
والثاني : أنه من أمه يقينا ، ومن أبيه ظنا ، فلما صار معتبرا بأبيه فأولى أن يصير معتبرا بأمه ،
أحدهما : أنه يجري عليه حكم الإسلام ، قطعا في الظاهر والباطن ، كما يصير بأحد أبويه مسلما ، فإن بلغ ووصف الشرك لم يقر عليه ، وبه قال المزني ، وهو الظاهر من مذهب الشافعي وقول جمهور البغداديين .
والوجه الثاني : أنه يجري عليه حكم الإسلام في الظاهر دون الباطن ، تغليبا لحكم السابي ، فإن بلغ وصف الشرك أقر عليه بعد إرهابه ، وهو قول جمهور البصريين ، كما يعتبر إسلام اللقيط في دار الإسلام بحكم الدار ، فيكون مسلما في الظاهر ، تغليبا لحكم الدار ، فإن بلغ ووصف الشرك أقر عليه بعد إرهابه .