الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص245
تبكين ؟ قالت : بيع ولدي في بني عبس فقال لأبي أسيد : لتركبن ولتجئن به كما بعته .
والوجه الثاني : – وهو مذهب البصريين – أن البيع صحيح ، وبه قال أبو حنيفة : لأن النهي لمعنى في غير المعقود عليه ، كالنهي عن البيع في وقت الجمعة ، وأن يبيع الرجل على بيع أخيه ، لكن لا يقر المتبايعان على التفرقة بينهما ، ويقال للمشتري والبائع : إن تراضيتما ببيع الآخر لتجتمعا في الملك كان البيع الأول ماضيا ، وإن تمانعتما فسخ البيع الأول بينكما ، ليجمع بينهما ، وعلى هذا يحمل فعل رسول الله ( ص ) أنه فسخ البيع ، لتعذر الجمع دون فساد العقد والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، يجوز التفرقة في الملك بين ما عدا الوالدين والمولودين من الأخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال ، والخالات ، وإن كان مكروها .
وقال أبو حنيفة : تحرم التفرقة بين كل ذي رحم محرم ، استدلالا برواية أبي موسى الأشعري أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا يفرق بين والدة وولدها ، ولا بين والد وولده ولا يبن أخ وأخيه ‘ وبرواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي بن أبي طالب – عليه السلام – قال : قدم سبي على النبي ( ص ) فأمرني ببيع غلامين أخوين ، فبعتهما وفرقت بينهما ، فبلغ ذلك النبي ( ص ) فقال أدركهما فارتجعهما وبعهما معا ولا تفرق بينهما ‘
ومن القياس : أنه ذو رحم محرم بنسب ، فلم تجز التفرقة بينهما في الملك كالوالدين والمولودين .
ودليلنا هو أن كل نسب لا يمنع من قبول الشهادة ، ولا يمنع من جواز الزوجية كغير ذوي المحارم طردا ، وكالوالدين والمولودين عكسا ، ولأن الأحكام المختصة بالأنساب إذا وقفت على بعض المناسبين كانت مقصورة على الوالدين مع المولودين ، كالولاية والشهادة والقصاص وحد القذف ، وهذه أربعة أحكام وافقوا عليها ، فكذلك في أربعة أحكام خالفوا فيها ، وهي وجوب النفقة ، والعتق بالملك ، والقطع في السرقة ، والتفرقة في البيع ، فأما الخبران فضعيفان ، ولو صحا حملا على الاستحباب بدليلنا ، وقياسهم على الوالدين فالمعنى فيه وجود البعضية المانعة من قبول الشهادة .