الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص243
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لا يجوز أن يفرق بين الأم وولدها في القسمة إذا سبوا ولا في البيع إذا ملكوا لرواية أبي أيوب الأنصاري أن النبي ( ص ) قال : ‘ من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة ‘
وروى عمران بن حصين أن النبي ( ص ) قال : ‘ ملعون ملعون من فرق بين امرأة وبين ولدها ‘ .
وروى أبو سعيد الخدري أن النبي ( ص ) سمع امرأة تبكي فقال : ما لهذه تبكي فقيل له : فرق بينها وبين ولدها فقال : ‘ لا توله والدة على ولدها ‘ .
أي : لا يفرق بينهما بالبيع فتوله عليه بالحزن والأسف ، مأخوذ من الوله ، ولأن في التفرقة بينهما في الصغر إدخال ضرر عليهما بحزن الأم وضياع الولد .
فإذا ثبت هذا ففي الزمان الذي تحرم فيه التفرقة بينهما قولان للشافعي :
أحدهما : نص عليه في سير الواقدي ، ونقله المزني إلى هذا الموضع إلى استكمال سبع سنين ، ثم يفرق بينهما من بعد ، وبه قال مالك ، لأنه حد التفرقة في تخيير الكفالة ، ولأنه يستقل فيها بنفسه في لباسه ومطعمه .
والقول الثاني : إلى وقت البلوغ ، وبه قال أبو حنيفة لرواية عبادة بن الصامت أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا يفرق بين والدة وولدها ‘ قيل : إلى متى ؟ قال : ‘ حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية ‘ ولولا أن في هذا الحديث ضعفا لأن راويه عبد الله بن عمرو بن سعيد بن الربيع بن عبادة بن الصامت ، وقد طعن علي بن المديني في عبد الله بن عمرو بن سعيد ونسبه إلى الكذب ، لما اختلف القول فيه ، ولما شاع خلافه ، ولأنه لما استحقت الكفالة ، على الوالدين إلى البلوغ ، ثم يفارقهما الولد بعد البلوغ كان البلوغ حدا في التفرقة .
وقال أحمد بن حنبل : لا تجوز التفرقة بينهما على الأبد تمسكا بعموم الظاهر ، وحديث عبد الله بن الصامت دليل عليه إن صح ، ثم المعنى المعتبر في الجمع بينهما في الصغر مفقود في الكبر من وجهين :
أحدهما : أنه مضر في الصغر ، وغير مضر في الكبر .
والثاني : أنه معهود في الكبر ، وغير معهود في الصغر .
أحدهما : لا يفرق بينهما كالأم ، لما فيه من البعضية المفضية للشفقة والحنو .
والوجه الثاني : يفرق بينهما ، بخلاف الأم لعدم التربية في الأب ، ووجودها في الأم