پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص177

الغانمين ، ويكون الذي استأسره في فدائه وغيره من الغانمين سواء كما يكون الغانم للمال وغيره فيه سواء .

فإن قيل : فقد كان فداء أسرى بدر بأخذه من استأسرهم ، ولذلك سأل رسول الله ( ص ) في أبي العاص بن الربيع ، وقد أسر يوم بدر ، وهو زوج زينب بنت رسول الله ( ص ) ، وأنفذت في جملة فدائه قلادة كانت لها جهزتها بها خديجة ، فلما أبصرها رسول الله ( ص ) عرفها ورق لها ، وقال : إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا فلولا حقهم فيه لتفرد بالرد ولما سألهم فعنه ثلاثة أجوبة :

أحدهما : أنه قال : ذلك استطابة لقلوبهم وإن كان أمره فيه نافذا .

والثاني : أنه كان قبل أن يستقر حكم الأسرى والغنائم .

والثالث : أنه حق لجميعهم لا لواحد منهم فاستطاب نفوسهم فيه .

وأما الفداء والأسرى : فهو لمن كان في أيدي قومه أسرى من المسلمين ، وهم مشفقون عليه من الأسرى ومفتدون له بمن في أيديهم فيفادي به من قدر عليه من أسرى المسلمين والأولى أن يأخذ به أكثر منه ، فإن رسول الله ( ص ) فادى كل رجل من المشركين برجلين من المسلمين ، فإن لم يقدر أن يفادي كل رجل إلا برجل جاز ولو دعته الضرورة أن يفادي رجلين من المشركين برجل من المسلمين فعل ، فهذا حكم الفداء

( فصل )

: وأما المن بغير الفداء ، فهو فيمن علم منه ميلا إلى الإسلام ، أو طاعة في قومه يتألفهم به فهو الذي يمن عليه كما من رسول الله ( ص ) على ثمامة بن أثال فعاد مسلما في عدد من قومه ، وينبغي أن يستظهر عليه بأن يشترط عليه بأن لا يعود إلى قتاله ، كما شرط رسول الله ( ص ) على أبي عزة الجحمي ، فلم يف به وعاد لقتاله ، وظفر به فضرب رقبته .

فأما إن كان في الأسرى عبد لم يجز أن يمن عليه ، لأنه مال كما لا يجوز أن يرد عليهم غنائمهم ولم يحتج إلى استرقاقه ، لأنه مسترق ، وكان الإمام فيه بالخيار بين أن يقسمه بين الغنائم مع الأموال ، وبين أن يقتله إن خالف عاقبته ، ويعوض الغانمين عنه ، لأنه مال بخلاف من قتله من الأحرار ، وبين أن يفتدي به أسرى من المسلمين ، ويعوض عنه الغانمين وسنذكر من أسلم .

( فصل )

: فإن قتل مسلم هذا الأسير فلا يخلو حال قتله من أحد أمرين :

إما أن يكون بعد نفوذ حكم الإمام فيه أو يكون قبله .

فإن قتله بعد نفوذ حكم الإمام فيه ، فلا يخل حكمه من أحد أربعة أحكام :