پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص175

فإن قيل : فقد أنكره الله تعالى عليه فعنه جوابان :

أحدهما : أنه أنكره عليه قبل ورود إباحته ، وقد وردت الإباحة فزال الإنكار .

والثاني : أنه قيد إنكاره بشرط ، وهو قوله ( حتى يثخن في الأرض ) وفي إثخانه دليلان :

أحدهما : أنه كثرة القتل .

والثاني : الاستيلاء والظفر ، وقد أنعم الله تعالى بهما ، فزال الإنكار وارتفع المنع .

( فصل )

فإذا ثبت أن الإمام أو أمير الجيش مخير في الأسرى بين أربعة أشياء ، يفعل منهما أصلحها في كل أسير ، فعليه أن يقدم عرض الإسلام عليهم ، فإن لم يسلموا نظر فمن كان منهم عظيم العداوة شديد النكاية ، فهو المندوب إلى قتله فيقتله صبرا ، يضرب العنق لقول الله تعالى : ( فضرب الرقاب ) [ محمد : 4 ] .

وقوله : ( فاضربوا فوق الأعناق ) [ الأنفال : 12 ] . ولا يمثل به لنهي النبي ( ص ) عن المثلة ، وقال : ‘ إن الله كتب عليكم الإحسان في كل شيء حتى في القتل فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ‘ .

فإن قيل : فقد مثل رسول الله ( ص ) بالعرنيين ، فقطع أيدين ، وأرجلهم ، وسمل أعينهم ، وألقاهم في حر الرمضاء فعنه جوابان :

أحدهما : أنه فعل ذلك في متقدم الأمر ثم نهى .

والثاني : أنه فعل ذلك بهم جزاء وقصاصا ، لأنهم قتلوا راعي رسول الله ( ص ) ومثلوا به فقاتلهم عليه بمثله وقد قال الله تعالى : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ) [ النحل : 126 ] . ولا يجوز أن يحرقهم بالنار ، لقول النبي ( ص ) : ‘ لا يعذب بعذاب الله غير الله ‘ .

فإن قيل : فقد جمع خالد بن الوليد حين قاتل أهل الردة باليمامة جماعة من الأسرى وألقاهم في حفيرة وأحرقهم بالنار ، وأخذ رأس زعيمهم فأوقده تحت قدره ، قيل عنه جوابان :

أحدهما : أن أبا بكر وعمر – رضي الله عنهما – أنكرا ذلك من فعله وبرئا إلى الله من فعله .

والثاني : أنها كانت حالا لم ينتشر فيها حكم النهي ، ففعل خالد من ذلك ما اقتضاه حكم السياسة عنده ، لأنه كان في متقدم الإسلام ، وكانوا أول قوم تظاهروا