الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص162
وقال سلمان بن ربيعة والأوزاعي : يسهم للخيل العتاق ولا يسهم للبراذين الهجان ويعطى فارسها سهم راجل .
وقال أحمد بن حنبل : يسهم للبرذون الهجين نصف سهم العربي العتيق ، فيعطى فارس البرذون سهمين ويعطى فارس العربي العتيق ثلاثة أسهم ، وفرقوا بين البراذين والعتاق بأن البرذون يثني يده إذا شرب ولا يثنيها العتيق ؛ احتجاجا بأن البراذين لا تعنى عناء العتاق والسوابق في طلب ولا هرب فشابهت البغال والحمير ، وهذا خطأ لقول الله تعالى : ( ومن رباط الخيل ) [ الأنفال : 60 ] فعم الحكم في ارتباط الخيل بما يجعل من رهبة العدو بها وهذا موجود في عموم الخيل وفي قوله ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) [ الأنفال : 60 ] فيه أربعة تأويلات :
أحدها : أن القوة التصافي واتفاق الكلمة .
والثاني : أن القوة الثقة بالنصر والرغبة في الثواب .
والثالث : أن القوة السلاح ، قاله الكلبي .
والرابع : أن القوة في الرمي .
وروى عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله ( ص ) يقول على المنبر : ‘ قال الله تعالى : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) [ الأنفال : 60 ] ‘ إلا أن القوة الرمي ثلاثا ‘ .
وروى عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ اربطوا الخيل فإن ظهورها عز وبطونها لكم كنز ‘ فعم بالخيل جميع الجنس ؛ ولأن عتاق الخيل أجرى وأسبق ، وبراذينها أكر وأصبر ، فكان في كل واحد منهما ما ليس في الآخر فتقابلا ولأن عتاق الخيل عراب ، وبراذينها أعاجم ، وليس يفرق في الفرسان بين العرب والعجم ، وكذلك الخيل لا يفرق بين شديد الخيل وضعيفه فكذلك في السابق والمتأخر .
قال الماوردي : وهو كما ذكر ، وقال الأوزاعي وأبو يوسف وأحمد : يسهم لفرسين ولا يسهم لأكثر منهما ؛ لأنه قد يعطب الواحد فيحتاج إلى ثان ، فصار معدا للحاجة ، فوجب أن يسهم له ، وهذا التعليل موجود في الثالث : لأنه قد يعطب الثاني ، ولا يوجب ذلك أن يسهم لثالث ، فكذلك الثاني ؛ ولأن رسول الله ( ص ) قد حضر بأفراس فلم يأخذ إلا سهم فرس واحد ، وكذلك حضر كثير من أصحابه فلم يعطوا إلا سهم فرس واحد ، وبذلك جرت سيرة خلفائه الراشدين من بعده ؛ ولأنه لا يقاتل إلا على فرس واحد وما عداه زينة أو عدة ، فلم يقع الاستحقاق إلا في المباشر بالعمل كخدمة الزوجة لما باشرها الواحد ، وكان من عداة زينة ، أو عدة لم يستحق إلا نفقة خادم واحد .