پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص160

وقال أبو حنيفة : إن لحق بهم المدد وهم في دار الحرب أو بعد خروجهم منها وقيل قسمتها شاركوهم فيها ، وإن لحقوا بهم بعد خروجهم من دار الحرب وبعد قسمة الغنائم في دار الإسلام لم يشركوهم استدلالا بما روي أن النبي ( ص ) بعث عبد الله بن عامر إلى أوطاس ، فعاد وقد فتح النبي ( ص ) حنينا فأشركهم في غنائمها .

وبما روي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد أن من جاءكم من الأمدادا قبل أن يتفقأ القتلى فأعطوه من الغنيمة .

وروى الشعبي أن عمر كتب بذلك إلى سعد بن أبي وقاص ، ولأن القوة بالمدد هي المؤثرة في الظفر فصاروا فيها كالمكثر والمهيب ، فوجب أن يكونوا بمثابتهم في المغنم ، ولأن الغنيمة لا تملك عنده إلا بالقسمة لأمرين :

أحدهما : أنه لا يجوز لواحد منهم بيع سهمه منها قبل القسمة ، ويجوز بيعه بعدها .

والثاني : أنه لو استولى المسلمون على قرية من بلادهم دفعهم المشركون عنها ، وفتحها آخرون من المسلمين كانت غنيمة للآخرين دون الأولين .

ودليلنا قوله تعالى : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ) [ الأنفال : 41 ] فأضافها إلى الغانمين فدل على أنه لا حق فيها لغيرهم .

وروى أبو هريرة أن النبي ( ص ) بعث أبان بن سعيد بن العاص من المدينة في سرية قبل نجد فقدم أبان وأصحابه على رسول الله ( ص ) بحنين وقد فتحها فقال أبان اقسم لنا يا رسول الله فقال : ‘ اجلس يا أبان ولم يقسم له ‘

وروى أبو بكر – رضوان الله عليه – عن النبي ( ص ) أنه قال الغنيمة لمن شهد الوقعة .

وقد رواه الشافعي موقوفا على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وهو أثبت ، ووقوفه عليهما حجة ؛ لأنه لم يظهر لهما مخالف ؛ ولأن أبا حنيفة وافقها في المدد لو كانوا أسرى في أيديهم فأفلتوا منهم ولحقوا بالمسلمين لم يسهم لهم ، فكذلك غير الأسرى ولو لحقوا بهم في الوقعة شاركوهم فكذلك غير الأسرى ، ويتحرر من هذا الاستدلال قياسان :

أحدهما : أنه وصول بعد القفول فلم يشركوا في الغنيمة كالأسرى .

والثاني : أن ما لم يشاركهم فيه الأسرى لم يشاركهم فيه المدد ، قياسا على ما بعد قسمة الغنيمة .