الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص159
امرء ما أصاب ، وقال : والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا دخل الجنة ‘ فقال عمير بن حمام ، وفي يده ثمرات يأكلهن : بخ بخ ، ما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء القوم ، ثم قذف الثمرات من يده ، وأخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل وهو يقول :
قال الماوردي : وهذا كما ذكر إذا خرج من الغنيمة خمسها ، ورضخ من لا سهم له فيها كان باقيها للغانمين الذين شهدوا الوقعة يشترك فيها من قاتل ومن لم يقاتل ، لأنه كان ردا للمقاتل قال الله تعالى : ( واعلموا أن ما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ) [ الأنفال : 41 ] فلما أضاف الغنيمة إليهم واستثنى خمسها منهم دل على أن باقيها لهم ، كما قال تعالى : ( وورثه أبواه فلأمه الثلث ) [ النساء : 11 ] فكان الباقي بعد الثلث للأب ، فإن لحق بمن شهد الوقعة مدد من المسلمين عونا لهم فعلى ثلاثة أضرب :
أحدها : أن يلحقوا بهم قبل تقضي الحرب وانكشافها ، فالمدد يشركهم في غنيمتها إذا شهدوا بقية حربها .
والضرب الثاني : أن يلحقوا بهم بعد تقضي الحرب وإجازة غنائمها فلا حق لهم في غنيمتها سواء أدركوهم في دار الحرب أو بعد خروجهم منها .
والضرب الثالث : أن يلحقوا بهم بعد تقضي الحرب وإجازة غنائمها ، فشهدوا معهم إجازتها ففيها قولان :
أحدهما : يشاركونهم فيها .
والثاني : لا يشاركونهم .
وهذان القولان مبنيان على اختلاف قولي الشافعي فيما تملك به الغنيمة بعد إجازتها ، فأحد قوليه : إنها تملك بحضور الوقعة فعلى هذا لا حق للمدد فيها .
والقول الثاني : إنهم ملكوا بالحضور أن يتملكوها بالإجازة ، فعلى هذا يشاركهم المدد فيها ويخرج على القولين المدد اللاحق بهم بعد الوقعة وإجازة الغنائم ، وهو مذهب مالك والأوزاعي والليث بن سعد وأحمد وإسحاق .